رقية سليمان الهويريني
إن التحول الاقتصادي من الرعوية للتنموية أمر بالغ الصعوبة في ظل مجتمع أبوي اعتاد أن تكون الحكومة مسؤولة عن إسكانه ومعيشته وأغلب مناحي حياته!
ولأن القطاعات الحكومية أصبحت تتنافس على تحقيق رؤية 2030 التي ستنقل المجتمع من معتمد ومستهلك فقط إلى منتج ومحرك لعجلة التنمية؛ فإن الضمان الاجتماعي يواكب التحول الوطني برسالته الجديدة، فهو لم يعد مجرد صندوق يدعم الفقراء مالياً، ولكنه أعاد صياغة أهدافه لأجل تحويل المستفيدين الخاملين المعتمدين على منحته الشهرية إلى منتجين يعتمدون على أنفسهم في كسب معيشتهم، بما يعني التحول إلى التنموية بصورة احترافية. ولكي يحقق الضمان الاجتماعي رسالته فإنه يعمل بمثابرة على تفعيل فرصة التمكين من خلال افتتاح وحدات التمكين في كافة مكاتبه لاستقطاب المستفيدين القادرين على العمل حسب مؤهلاتهم ومهاراتهم والمناطق الجغرافية التي يتواجدون بها وإيجاد فرص استثمارية مناسبة لهم بالتعاون مع صندوق الموارد البشرية للقيام بمهام توظيفهم، وقبل ذلك يعمل الضمان الاجتماعي على تحديد الكفايات المهنية لأكثر من مائتي باحث اجتماعي وتدريبهم لكي يقوموا بمهام التمكين التي يسعى الصندوق لإقرارها. ولعل أهم نشاطٍ يقوم به الباحث الاجتماعي هو نشر ثقافة العمل، وأن اليد العليا خير من اليد السفلى. كما أن سعي الصندوق لبناء قدرات الجمعيات الخيرية للقيام بالدور التنموي وتقديم الدعم التمويلي والفني للمستفيدين من خدماتها الاجتماعية يعد خطوة حضارية في نقل المستفيدين من مُعالين إلى مستقلين مادياً بمساهمة الصندوق في دعم مشاريعهم الصغيرة. كما أن التعاون بين بنك التنمية الاجتماعية (قطاع حكومي) ومؤسسة سليمان الراجحي الخيرية (قطاع أهلي خيري) ساهم بتمويل عدد ضخم من المشاريع الصغيرة للمستفيدين حيث تم دعم نحو ستين ألف أسرة فقيرة، ولعل هذه تكون بداية لسلسلة من المشاريع التنموية التي تجعل الصندوق ممولاً ومساهماً في تحسين أوضاع الأسر المحتاجة وتدوير الأموال لمصلحة أسر وأفراد محتاجين آخرين ليتحول من صندوق مالي دون مردود إلى بنك للفقراء يساعدهم لكي يساعدوا أنفسهم.