عبد العزيز الصقعبي
من قبيل المصادفة زرت الأسبوع الماضي ثلاثة معارض للفنون التشكيلية، الأول كان على هامش مهرجان ليالي الشعر العربي والثاني أيضاً كان أيضاً على هامش احتفالية اليوم العالمي للمسرح وكلاهما في مركز الملك فهد الثقافي، الثالث بتوصية من الدكتور محمد الرصيص وهو معرض «3 اتجاهات» الذي أقيم في مونو جالري مركز نجود.
بالطبع كل معرض يختلف عن الآخر، وبالطبع نحن نقف أمام تجارب ومدارس مختلفة في الفن التشكيلي، ربما لا أعرف أغلبها، الملفت للنظر هو ما شاهدته في معرض «3اتجاهات»، أعمال إبداعية متجاوزة، أشعرتني بالفجوة الكبيرة بين ثقافتنا المحدودة وتجارب متجاوزة نحتاج لزمن لكي نستوعبها.
كما لدينا عدد كبير من المبدعين في الرواية والقصة والشعر، أيضاً هنالك مبدعون في الفن التشكيلي والتصوير الضوئي والخط العربي، لدينا إبداع مختلف ومتميز في كثير من الفنون، ولكن ثمة مشكلة، أن بعضها يقع في منطقة باهتة قد لا ترى، لذا أغلب الناس علاقتهم محدودة أو مقطوعة مع الإبداع في المسرح، وبالطبع الفنون التشكيلية، وبكل تأكيد سبب ذلك هو دور العرض، فمدينة مثل الرياض لا يوجد بها مسرح مخصص للعروض المسرحية، وبالطبع لا يوجد متحف للفن التشكيلي، وأنا هنا أتحدث عن مسرح دائم ومتحف دائم.
طرحت المسرح كمثال، ولكن بالنسبة للفن التشكيلي، فأعتقد نحتاج إلى مساحات كبيرة لنتحدث عنه و أهميته في خلق ثقافة ووعي وارتقاء بذائقة للإنسان، فوجود متاحف صغيرة، أو «غاليري» أو صالات عرض في أحياء مدينة الرياض أمر مهم، من المفترض أن يطلع المواطن العادي على هذا الفن الجميل بزيارته لمعرض قريب من سكنه ليكتسب ثقافة وربما تأسره لوحة ما فيقتنيها لتزين منزله، بدلا من تلك اللوحات التي تباع في أسواق الأثاث، وأغلب الناس يهمهم أن يتزين جدار المنزل الرئيس في مجالسهم بلوحة فنية أو صورة فوتوغرافية أو آية مكتوبة بخط جميل.
أثناء كتابتي لهذه الزاوية علمت بوفاة الفنان التشكيلي فهد الحجيلان، رحمه الله، و علمت أن هنالك معرضا سيقام للوحاته، وهذا أمر جيد، ولكن أليس من المفترض أن يكون هنالك متحف دائم يخصص للفن التشكيلي في المملكة العربية السعودية، في مدنه الكبيرة، بحيث عندما يأتي زائر للرياض كمثال ويذهب إلى ذلك المتحف سيجد لوحات لمحمد السليم و عبد الحليم رضوي وعبد الجبار اليحيى، وخالد العبدان و فهد الحجيلان رحمهم الله جميعاً وبالطبع هنالك أسماء لا تحضرني الآن، بالإضافة إلى رواد الفن الباقين أطال الله في أعمارهم، أقول من المفترض أن نجد أعمال هؤلاء في معرض دائم، لا نريد أن نتذكرهم فقط من خلال بعض الكتب وهي بحد ذاتها مهمة للتوثيق والتعريف بهذا الفن، ولا من خلال بوستر يعلق في البيوت أو لوحة أصلية اقتناها أحدهم، لأن ذلك لن يكون بمثل المتحف الدائم الذي يضم ذلك الإبداع الجميل.
نحن نحتاج أن ننمي ذائقتنا الفنية ونستمتع بتأمل كل عمل فني بدءا من رسمة بسيطة لطفل وليس انتهاء بالفن المفاهيمي، لأن الإبداع ليس له نهاية.