إن كنت عزيزي القارئ تعتقد أن دور النشر التي تستقطب مشاهير (السوشيال ميديا) ككتاب، إنما تفعل ذلك بدعوى (حرية الكتابة) وخلق مناخ أدبي متنوع، وحالة ثقافية شاملة لجميع الفئات والشرائح، فأنت مخطئ، والمعلومة الصحيحة تقول إن دور النشر «التجارية» تهدف إلى الربح المادي بنسبة 99 % بينما تخصص 1% لبقاء الأدب وسيادته واستمراريته، وهذا يقود إلى تساؤل تضج به أدمغة الأدباء والمثقفين، وهو: ما هي الضرورة من وجود الأدب الرديء؟ ولماذا لا تستثمر دور النشر في الأدب الحقيقي؟
بحسب ما قال لي أكثر من مسؤول في دور نشر من مختلف الدول، فإن كتابًا واحدًا من مشاهير السوشيال ميديا كفيل باستمرارية الأدب الحقيقي، فمن خلال حسبة بسيطة لن تحتاج فيها إلى الآلة الحاسبة، تطبع الدار كتاباً للمشهور الفلاني الذي تأخذه شهوة الوجاهة الثقافية والأدبية، ربما سيكلف الدار مبلغاً لا يتجاوز (8000) ريال في حال كانت الجودة عالية. وبطبيعة الحال سوف تطبع مبدئياً 2000 نسخة من الطبعة الأولى للكتاب (الرديء) وتبيع النسخة الواحدة من هذه الطبعة التي ستنفذ فور دخولها لسوق المكتبات السعودية بـ (50) ريالاً، وبهذا تحقق الدار (100000 ريال) تعطي الكاتب منها نسبته المتفق عليها في العقد المبرم بينهما التي لن تتجاوز 2,5 % من الأرباح، وسوف تعيد طباعة الكتاب حتى تصل إلى الطبعة العشرين، وبعدها تكون دار النشر قد تشبعت من الأرباح ويردد صاحبها المقولة الشهيرة لسعد الفرج (بسنا فلوس، بسنا فلوس).
عندئذ سوف تتوقف الدار عن طباعة هذا الكتاب، وتبحث عن مشهور آخر لتعمل معه الشيء نفسه، وهي بذلك تعوض خسائرها من احتكارها أيضاً لكُتاب جيدين جداً ولكنهم يفتقرون للجماهيرية التي تسوق كتبهم، ولكنها تحتكرهم حتى تثبت للقراء والمثقفين أنها تهتم بالحالة الثقافية والمشهد الأدبي. فحين يسأل أحدهم عن اهتمام الدار بأدب المشاهير في السوشيال ميديا يرد مسؤول الدار ملء شدقيه ويقول: «من قال هذا، فأنا أطبع كتب الأديب فلان، والمفكر علان، رغم أن كتبهم تتكدس في نهاية الأمر في مستودعات الدار لقلة قرائهم». وبعد عشرات السنوات سينسى الناس أن هناك كاتباً جاء من (سناب تشات) وخلد تجربته في كتاب توقفت الدار عن طباعته، لكنهم سوف يستشهدون بالأدب الحقيقي الذي تكدس على الرفوف.
- عادل بن مبارك الدوسري
Twitter: @AaaAm26