خالد بن حمد المالك
لم يكتفِ ولي العهد بالتركيز في زيارته للولايات المتحدة الأمريكية على الجوانب السياسية والاستثمارية والأمنية، وإنما سارع إلى تصحيح الفهم الخاطئ عن الإسلام لدى بعض الأمريكيين، مؤكداً أن الإسلام دين اعتدال، وأنه دين عقلاني، وأن الإسلام سهل، لكن هناك من يحاول اختطافه، وكانت هذه التصريحات قد أدلى بها في لقاء مطوّل لسموه مع محرري صحيفة «الواشنطن بوست»، خلال تواجده في العاصمة الأمريكية، كما صحح ما يقال عن التطرف، معترفاً بتغلغله في المجتمع، لكن المملكة قامت بمحاربته، بعد أن تغلغل التطرف حتى وصل إلى المدارس، وأن إجراءات تمت وستتم للقضاء عليه.
* *
وإذا كان الأمير قد تطرَّق أيضاً إلى برنامج 60 دقيقة على قناة (سي.بي.إس) عن الإصلاحات الاجتماعية التي تمت وستتواصل، فقد كانت هذه الإصلاحات جزءًا غير مباشر من محاربة الإرهاب والتطرف والتزمّت، كقيادة المرأة للسيارة، وحضورها المباريات، وافتتاح دور السينما والحفلات الغنائية.. وغيرها، وقد جاءت ضمن العودة بالإسلام إلى قيمه السمحة، حيث الاعتدال، وتقبل الآخر، وإعطاء المرأة حقوقها، وتغيير الصورة الذهنية لدى بعض شعوب العالم عن المملكة.
* *
ومع أن هذا الطرح (الذكي) الذي بدأ به الأمير زيارته لأمريكا كان مدخلاً جيداً للحوار والاجتماعات واللقاءات عن مفهوم الشراكات كما تتبناها المملكة وتشجع عليها لمن يرغب من الشركات الكبرى ورجال الأعمال الكبار، إلا أن الأمير لم يجد عناء في إقناع الناس في أمريكا بالتحول الوطني الذي يجري في المملكة في كل شيء؛ تنفيذاً لرؤية 2030، فقد وجد سموه لدى من يلتقيهم أنهم على دراية بما يتم من إصلاحات اقتصادية واستثمارية، وعمل دؤوب في تحقيق معدلات عالية من الإصلاحات الاجتماعية، وبالتالي فقد كان يتحدث لهم بمفهوم أن المملكة تعيش زمن التغير واقتناص الفرص.
* *
وفي زيارة لـ(بوسطن) وقد استغرقت عدة ساعات فقط قبل زيارته لنيويورك، كان التقى هناك رؤساء جامعات وباحثين سعوديين، وفي برنامجه زار مؤسسات بحثية تعمل على تطوير استخدامات الذكاء الصناعي والتكنولوجيا، وهناك اتفاقيات تم التوقيع عليها في مجالات العلوم والتقنية، وقد أشرنا إليها في حلقة سابقة، المؤكد أن من يقوم بهذا العمل لن يسمح باستمرار التطرف في بلاده، ولن يتساهل مع الإرهاب، وسيبقى عيناً ترصد أي تصرف يعيق البلاد بالتطرف، أو يجعل المواطن ضحية ذلك، وبالتالي فنحن في عهد الحزم والعمل، وهذا ما تنطق به الزيارة الأميرية لأمريكا.
* *
وفي سياتل، حيث قضى ولي العهد أيضاً ساعات فيها، رعى مشروع توطين الصناعات العسكرية، هذا المشروع -كما أعلن عنه- سيقدم خدمات الدعم للطائرات الحربية ذات الأجنحة الثابتة، والطائرات العمودية للقوات المسلحة، وفي هذا المشروع المشترك بين الشركة السعودية للصناعات العسكرية وشركة بوينج، سيتم توطين أكثر من 55 % من الصيانة والإصلاح وعمرة الطائرات الحديثة، بالإضافة إلى نقل تقنية دمج الأسلحة على تلك الطائرات، وتوطين سلسلة الإمداد لقطع الغيار داخل المملكة، وبهذا الاتفاق ستكون قواتنا المسلحة أمام فرصة خفض تكاليف الدعم طوال فترة صلاحية الأسطول، ورفع مستوى استعداد أسطول القوات المسلحة، وتعزيز قابليته للصيانة، فضلاً عن أن المشروع سوف يدعم القدرات الدفاعية، ويعزز إمكانات الردع لديها، ويتوقع أن تفوق إيراداته 22 مليار دولار، وأن يحدث 6 آلاف وظيفة.
* *
الوزراء ماجد القصبي، وخالد الفالح، ومحمد الجدعان، قالوا «إن التغيير والنمو في المملكة ليس محصوراً بالاقتصاد فقط، بل أيضاً في تعزيز قدرات أفراد المجتمع ليكونوا الأساس الرئيس في تحقيق رؤية المملكة 2030»، وجاء ذلك خلال لقاء تم في نادي الاقتصاد بنيويورك بينهم وبين نخبة من رجال الأعمال والمال ومحللين اقتصاديين ومسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين، وهذا التوضيح يظهر إلى أي مدى تخطو المملكة في سلم التغيير والتحول بما لم تعهده في أي فترات سابقة منذ قيام الدولة السعودية.
يتبع