ميسون أبو بكر
تظل الكلمات الرسمية تحمل مكانتها التي لاتقل عنها ولاترتفع، ولكن أن تمر على مسامعك كلمة رسمية لمسؤول في محفل وتسلب لبك رغما عنك فهذا هو المدهش الذي يترك له نكهة خاصة في المحافل الكبرى.
عندما اعتلى المنبر كنت أعرف بأنه سيقول مايجب قوله دون زيادة أو نقصان لكني لم أتوقع بأن بروق كلمة رسمية ستشعل كل غيمة في روحك، كلمة رسمية تخطفك عن رسمية المناسبة لحدائقها الغناء، تارة تثير شغف الأديب في روحك، وتارة تشاغب خبرتك في السياسة، ولكن الأعظم في هذه الكلمة الرسمية كمية الأنسنة التي تجعل الكلمات تخرج من منبرها وتأخذك بالأحضان ثم تعود.
سأبدأ حيث ترك الباب مفتوحا على مصراعيه المشرق سلطان بن محمد القاسمي للحاضرين في منتدى الشارقة للإعلام في كلمته التي ألقاها على أكثر من2500 شخصية من رؤساء الدول والحكومات والمسؤولين الحكوميين إلى جانب قادة الفكر وخبراء الإعلام، حيث وصف المشرق حديثَ رئيس مجلس الشارقة للإعلام سلطان بن أحمد القاسمي أنه عبر بالحاضرين للأمام كما يحب الجيل الحالي أن يكون، بينما آثر الشيخ المثقف أن يتحدث عن قلقه من التكنولوجيا أمام أشهر مؤسسيها وترك لهم الباب لنقاش الاستفادة الإيجابية منها بعيدا عن سلبيتها.
سأعود بك عزيزي القارئ إلى قلق ما قبل العام 2000، حيث التحول إلى هذا الرقم كان يهدد بخلل في البرمجة، وقد خسرت البنوك والشركات المليارات لتلافي هذه الأزمة وقتها، البشرية كلها عانت وترقبت الأزمة التي مرت بسلام عن طريق الحظ والصدفة.
اليوم نحن نواجه بالإضافة إلى ما أشار إليه حاكم الشارقة د. سلطان القاسمي من الخوف الأخلاقي على أبنائنا والعبث الذي يهدد مجتمعنا الذي يعيش حالة من فوضى التقنية ووسائلها المختلفة وقلق الهوية، هناك قلق كبير نركض إليه العالم وهو نهاية البشرية.
حيث ما يتم اليوم هو الإيغال في التقنية لتحل الآلات بدل الإنسان وهذا مايهدد البشرية ولا بد من الوقوف ضده، أخشى ما أخشاه أن تجد البشرية نفسها وقد عجزت عن إيقاف كرة الثلج التقنية التي أطلقها بحجة الرخاء وليس من هدف حقيقي سوى التكسب المادي الصرف بعيداً عن أي اعتبار آخر.
دق المشرق ناقوس الخطر وترك الباب مواربا لمن أراد أن يكمل المشوار في تحذير للبشرية عن خطر يهدد بفنائها - لا سمح الله-.