أ.د.عثمان بن صالح العامر
عقد الزواج ميثاق غليظ شرطه الأساس رضا الطرفين اللذين يبرمانه وهما بكامل قواهما العقلية ومداركهما الإنسانية، وعنوانه الرئيس السرية والكتمان، ومع أنه كذلك فإن من أهم الأسباب التي تؤدي إلى انهيار هذا الكيان والإتيان عليه من القواعد سواء بالخلع أو الطلاق - حسب ما انتهت إليه كثير من الدراسات الميدانية - تدخل أطراف خارجية فيما يحدث بين الزوجين من مشاكل طبيعية موجودة في كل البيوت القديم منها والحديث، خاصة من قبل الأهل والأقارب والأصدقاء، مما يؤدي في النهاية إلى تأزم العلاقة وتطور الخلاف- لا سمح الله- وصولاً إلى الافتراق الأبدي بالطلاق البائن الذي لا رجعة فيه، وعلى افتراض البقاء ظاهرياً، فهو استمرار هش، وجود شكلي فيما يرى الناس مع عدم التوافق الزواجي والاستقرار النفسي والاجتماعي الذي هو المقصد الرئيس من اقتران الطرفين.
مشكلة المرأة أنها قد تفضي في ساعة انتظار عابرة لامرأة لا تعرفها من قبل بكل أسرارها الحياتية وأحوالها الشخصية الخاصة، وربما اشتكت وضعها وسوء سلوك زوجها معها والأخرى بدورها ترشد وتنصح وقد تضر وتفسد علمت بذلك أو أنها جاهلة، كل هذا ظناً من هذه التي لم يقدر قلبها أن يكتم سرها أنها مدت جسور الصداقة الحقيقية مع هذه الناصحة لمجرد أنها جلست معها أو أنها تحدثت إليها عبر الهاتف أو تعرفت عليها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي في العالم الافتراضي المفتوح أو... وأكثر منه تدخل الأم التي تعتقد أنها أعرف من بنتها بما هو في صالحها وتريد أن تتحكم في زوج بنتها وكذا العكس حين يحدث التدخل من قبل أم الزوج.
إن الميثاق الغليظ متضمن في طياته المحافظة على سرية العلاقة واحتواء المشاكل والأزمات التي قد تحدث بين الطرفين اللذين وقعا عليه بإرادتهما الكاملة، ومتى تعذر عليهما القدرة على التصدي فالخطوة الثانية اللجوء للتحكيم العائلي بعيداً عن الضجيج والقيل والقال، كل هذا يحدث قبل أن يصل الأمر إلى التفكير الجدي بالطلاق أو الخلع. فلنجتهد في تقليل هذه الأرقام الثقيلة التي تزداد شهراً تلو الآخر وستؤثر جزماً على تراص المجتمع واستقراره، فهو لا يعدو أن يكون مجموعة أسر هي في الأساس اللبنات التي يتكون منها البناء المجتمعي. حفظ الله كياناتنا وحمى أسرنا من ويلات العواتي، وإلى لقاء والسلام.