«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
يقبل الناس في مختلف أنحاء العالم على التسوق أو حتى مجرد التمشية في الأسواق بدون الشراء، ومشاهدة المعروضات التي عادة ما تعرض في (نوافذ العرض) أو ما يسمى «بالفاترينه»، التي تفتح الشهية لكل من يشاهد محتوياتها «الفاترينات»، والتي باتت في العقود الأخيرة في مختلف دول العالم تأخذ طابعًا متجددًا ومواكبًا للعصر. وصارت المؤسسات المتخصصة في تنفيذ ديكورات المحال التجارية والبوتيكات ونوافذ العرض من أكثر المؤسسات دخلاً.. اللهم لا حسد. ويعود تاريخ بداية انتشار «الفاترينه» الجذابة وما تشتمل عليه من معروضات إلى أواخر القرن الـ18 عشر في لندن عندما بدأ الإقبال على التسوق من المحال والحوانيت. وحسبما تشير إليه الوثائق التاريخية التي ترصد عمليات العرض التجاري وتطورها، أشارت إلى أن السيد «فرانسيس بلاس» كان من أوائل الذين اهتموا بهذه الطريقة في عرض محتويات حانوته الخاص بالخياطة من خلال نافذة عرض «فاترينه» زجاجية كبيرة، واستطاع من خلال هذه الفكرة الجديدة في العرض أن يضاعف من مبيعاته كما جاء ذلك في مذكراته. وكما يقال انفرطت السبحة، بدأت محال وحوانيت مختلفة في المدن البريطانية وحتى الفرنسية والبلجيكية في استخدام هذه الطريقة الناجحة في عرض البضائع. وهكذا انتشرت ظاهرة «الفاترينات» على مستوى العالم. ومثل كل شيء في الحياة، تطورت يومًا بعد يوم، وساهمت كثيرًا في عمليات التسويق والبيع، بل إن بعض المحال - كما أشرنا سابقًا - لم تتردد في أن تدفع مبالغ طائلة لتصميم وتنفيذ فاتريناتها الجذابة التي تكاد تمد يدها بلطف إلى المتسوقين والمتسوقات، لا لمشاهدة محتويات ما يعرض في « الفاترينه» فحسب وإنما سحبهم بعفوية وتأثير ساحر إلى داخل المعرض أو المحل. وهكذا نجد أن «الفاترينات» كان لها دور كبير في إقبال الناس على الشراء؟! وأنت وأنا أُتيح لنا يومًا أن نتسوق، وشاهدنا كيف يقف البعض أمام نوافذ العرض، لا للحظات وإنما لدقائق؛ ليتفحصوا ما هو معروض. وبعدها سرعان ما يتجهون للدخول داخل المتجر أو المعرض. وبالطبع قليل منا من يخرج خالي الوفاض. فلا بد مما ليس منه بد من الشراء تحت إغراءات عدة، لا تخفى على الجميع. والمثير للدهشة، ومع اكتشاف أهمية «الفاترينات» في عمليات التسويق والترويج لما يريد البعض عرضه وبيعه، سارت بعض «الفاترينات» في بعض الدول مستغلة من خلال حرية ممجوجة؛ إذ راح البعض يعرض فيها ما لا يجوز قوله هنا أو حتى الإشرة إليه.. واللبيب يفهم..؟! ولا شك بعد هذا أن نافذة العرض «الفاترينه» ساهمت كثيرًا في الإعلان المباشر لما يريد التاجر بيعه من خلال عرض نماذج فيها جاذبة، ومعرفة في الوقت ذاته لما يوجد داخل المتجر أو المعرض من بضائع مختلفة. وبحكم كون نوافذ العرض «الفاترينات» زجاجية تعرضت بالتالي العديد من المحال إلى السرقة، وخصوصًا عندما تكون بدون حماية دقيقة أو خلال حدوث مظاهرات وفوضى من قِبل الغوغاء. لكن مع انتشار وسائل الحماية تم تركيب نوافذ ذات زجاج مقاوم للكسر، إضافة إلى سحاب شبكي يغطي «الفاترينه» سريعًا حال الاشتباه في حدوث سرقة ما. كذلك بعض المتاجر الكبرى يقوم العاملون فيها قبل خروجهم منها بإغلاق نوافذ العرض بإحكام شديد.
وماذا بعد؟ تبقى «الفاترينات» في المحال أشبه ما تكون بعناوين الكتب. العنوان يختصر المحتوى؟!