ماجدة السويِّح
أصبح «تويتر» الخط الساخن للمعنفات كأسرع طريقة، وأكثرها فعالية في إيصال صوتهن للمسؤول، حيث يعد تويتر المنصة الاجتماعية الأكبر، التي تجمع بين المسؤول والمواطن، الذي غالبا تعثر في إيصال صوته بسبب الإجراءات الإدارية، أو إهمال المتلقي للشكوى، أو عدم الاكتراث بجدية الحالة التي تنتظر المساعدة.
شرع «تويتر» لمتابعيه أبوابه ليلتقي المسؤول والمتابعين وصاحب الشكوى معاً بكل أريحية ومن دون موعد، فكل ما على المحتاج أن يطرح مشكلته، والإشارة في تغريدته للمسؤول، أو طرح وسم لعرض قضيته، وحث الناس على التفاعل لإثارة الانتباه، وإيصال صوته للمسؤول للمبادرة ومعالجة الخلل.
احتلت قضايا العنف والتعنيف للمرأة على «تويتر» حيزًا لا يستهان به في التوجه للمسؤول مباشرة، أو للجمهور الذي يتفاعل ويساعد بإيصال صوت المحتاج، وطلب الحماية من المعنف الذي يكون غالباً زوجاً أو أخاً أو أباً، نزعت الرحمة من قلبه وعميت عيناه عن حديث الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-: «رفقاً بالقوارير»، و»خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي».
حينما نتأمل في عظمة حديث المصطفى، وتشريعه الرفق واللين في معاملة المرأة، وتقرأ الغثاء الذي يصدر للناس عبر الأمثال المحلية والعربية مثل «ضرب الحبيب مثل أكل الزبيب»، و»نار زوجي ولا جنة أهلي» و» اكسر للبنت ضلع يطلع لها 24 ضلع»، والقائمة تطول بالعديد من الأمثال المشوهة والمشابهة التي تحرض على تعنيف المرأة، وتشجيعها على السكوت على العنف، نعرف تماماً المفارقة بين تعاليم ديننا السمحة، وفساد بعض العادات والتقاليد، التي تشرع لتعنيف المرأة، وتوصيها بالصبر والاستسلام لمعنفها، والمستفيد بالطبع الرجل غير السوي بتفريغ عقده ونقصه بجسد المرأة ومشاعرها، وسلبها الشعور بالأمن والأمان في البيت الذي يحتويها.
من شرع للمرأة أن تسكت عن حقها في العيش بكرامة واحترام، هو خليط من عادات وتقاليد تثني على المرأة الضعيفة مقابل الظلم والعنف من قبل معنفها، الذي يعرف جيداً أن المجتمع والنظام يحميه، فالمرأة قاصر بنظره، ولا مانع من الضرب ما دام القانون ما زال حنوناً تجاه تعنيفه، ومتجاوزاً الرحمة في سلب حرية «الضحية»، عبر احتجازها في دار الحماية، وتمتعه بالحرية على حساب الضحية، التي تقاسي الآلام النفسية والجسدية.
المرأة قد تحجم عن إنهاء العنف عبر الطرق الرسمية خوفاً من المستقبل، ومواجهة الجاني أو المجرم في حال أخذ تعهد عليه أو بعد انتهاء محكوميته، كذلك الخوف من النبذ الاجتماعي من المحيط العائلي، وخوف الزوجة الأم من حرمانها من أبنائها، كل تلك الأسباب قد تمنعها من طلب المساعدة.
لذا قراءة سريعة للواقع تظهر أن دائرة العنف لن تنتهي، ما دامت القوانين لا تعترف بأهلية المرأة كاملة، ولا تعينها على الاستقلال في مواجهة معنفها ومهدر كرامتها، وتمكينها من الابتعاد عن البيئة المريضة التي قد تُبتلى بها النساء، فما الفائدة من احتجاز الضحية وإطلاق سراح المجرم، حيث يتاح له الاستمتاع وممارسة حياته من دون عقاب صارم، يحفظ للضحية حقها بعد التعنيف، ويحميها من التعرض للعنف مرة أخرى.
فالقوانين هي التي تشجع على استمرار دائرة العنف باستمرارها بمعاملة المرأة كتابع يتبع للمعنف، ويملك حق التصرف في شؤونها، على الرغم من عدم أهليته لإدارة شؤون نفسه!!
الحل بكل بساطة يكمن في استقلالية وتمكين المرأة المعنفة، عبر الاستقلال الاقتصادي والاجتماعي عن المعنف، وفي حال تنازل الضحية عن حقها الخاص يجب ألا يتم التنازل عن الحق العام في قضايا التعنيف.