يوسف المحيميد
كنا سعدنا كثيرًا منذ نحو عقد من الزمان، حينما أصبحت وزارة الإعلام وزارة للثقافة والإعلام، لكن حظ الثقافة كان سيئًا وقد انطوت تحت معطف الإعلام وسطوته، ولم يعد لها وجود، ثم سعدنا أكثر بقرار إنشاء هيئة عامة للثقافة، وخصوصاً أن نظام الهيئات أكثر مرونة من الوزارات، لكن الزمن يمضي ولم يتحقق شيء يستحق، أو يلفت الانتباه!
كنت أتمنى أن يتم الإعلان عن قطاعات الهيئة من خلال هيكل تنظيمي واضح، تلك القطاعات المتنوّعة التي تُعنى بالثقافة عموماً، لكن ما يحدث هو العكس، وواضح أن الهيئة ستلتقط ما يهم المرحلة، وهما السينما والموسيقى، وهذا أمر مهم للغاية، فالسينما والموسيقى هما أبرز مكونات الثقافة التي أفتقدها جيلي، وأتمنى أن يعيشها الجيل الراهن، كما هو شأن الشباب في مختلف دول العالم.
وأمام الصراع بين هيئة الثقافة وهيئة الترفيه، وبينها وبين الجهات الثقافية الأخرى المتهافتة على السينما، ستضيع مكونات الثقافة الأخرى، وهي المكونات التقليدية للثقافة، كصناعة النشر ودعم الكتاب وطباعته وتسويقه، ولن يبقى سوى التباهي بمعرض الكتاب الدولي، سواء في الرياض أو جدة، ومؤخراً في القصيم، وهي معارض كتب تقدّم لنا المنشور في العالم العربي، بينما في الداخل يبقى نشر الكتاب ضعيفاً ومتواضعاً، فأمة لا تُعنى بالكتاب، ولا بالقراءة، هي أمة لا تستطيع أن تتقدَّم وتتطور على كافة المستويات، بما فيها الثقافة!
كل ما أخشاه، هو أننا في ركضنا نحو الجديد والعصري، نعتقد أن الكتاب هو شيء قديم يجب تجاوزه، وهذا خطأ فادح، فلا زال الغرب والعالم المتقدِّم يحتفي بالكتاب، يعمل على صناعته، ويؤسس أندية للقراءة، وما زالت دولة مهمة كمصر، وهي التي تتلقى الدعم لمشروعاتها الثقافية، تضع الكتاب على رأس أولوياتها، فإذا كان القائمون على هيئة الثقافة يعتبرون الكتاب ليس من اهتماماتهم، يجب علينا العمل على إنشاء هيئة عامة للكتاب، يقتصر دورها على الاهتمام بصناعة الكتاب في كافة مجالاته، فهو يستحق هيئة مستقلة، تكون رافدًا عميقًا للثقافة بجميع مجالاتها.