إبراهيم عبدالله العمار
انتحر الفكاهي روبين ويليامز في أغسطس 2014م. كانت صدمة للكثيرين، فقد كان قنبلة من الطاقة والدعابة أينما حل، سواءً في أفلامه أو المقابلات أو في الحياة اليومية، ولم يعرف الكثير أنه عانى من المخدرات والاكتئاب لفترات طويلة، ولكن كانت القاصمة هي لما عرف أنه مصاب بنوع من الخرف، فقتل نفسه، ولكن قد تتعجب من الإحصائية التالية: بعد أن أعلن الإعلام انتحاره.. زادت نسب الانتحار في أمريكا بنسبة 10 %!
هذا ما يسميه العالم روبرت كالديني بالدليل الاجتماعي، وهو مبدأ من مبادئ التأثير التي يمكن للناس أن يؤثروا بها على غيرهم بقصد أو بغير قصد، فأما بغير قصد فهو عندما يتسبب انتحار شخص مشهور بزيادة نسب الانتحار، وهذا ملاحظ كثيراً، فقد حصلت قفزات في نسب الانتحار بعد إقدام مشاهير على ذلك، وهذه تحث الكثير ممن سئموا الحياة لكن ترددوا في إنهائها، وإذا رأوا غيرهم فعل ذلك – كالمشاهير الذين يتناقل الإعلام خبرهم – كان هذا كنوع من التشجيع فيُقدِمون. أيضاً رؤية الناس لغيرهم وهم يرمون النفايات في الأماكن العامة نوع من الدليل الاجتماعي، فيترسخ في اعتقاده أن هذا دليل أن هذا الفِعل لا بأس به، وقل ذلك عن أي شيء آخر مشابه كالقيادة المتهورة والتصرفات الاجتماعية اللامبالية وغيرها.
وأما تأثير الناس على غيرهم بقصد فهو بيت القصيد الذي درسه كالديني كثيراً وبيّنه، فمن ذلك وصف الشركات لمنتجاتها أن السلعة الفلانية من أكثر السلع مبيعاً، فهذه تشجع الناس على شرائها رغم أن ذلك ليس دليلاً في حد ذاته على جودة السلعة، لكن العامّة يقنعهم ذلك. ويمكن استخدام هذا المبدأ – أي الدليل الاجتماعي – في الخير أيضاً، فقد ثبت للباحثين أن الأطفال الانعزاليين تشجعوا نحو الاجتماعية لما رأوا مقاطع لأطفال منطوين يذهبون ويختلطون ويلعبون مع أطفال آخرين، فكان مجرد مشاهدة ذلك كافياً لدفعهم لترك انعزاليتهم.
تذكّر دائماً أنك جزء مهم من منظومة أكبر، وتصرفاتك وكلامك وعاداتك – سواءً محمودة أو غير محمودة – لها تداعيات وتأثيرات لا تشعر بها وتراها فوراً على غيرك، لكنها ستتحقق.