رجاء العتيبي
سيظل الحراك الثقافي حائراً ومتردداً وبطيئاً طالما أن هناك جهات عدة تتقاذفه, وسيظل أقل إبداعاً وحيويةً وإثارةً ودهشةً طالما أنه ينطلق من رأي واحد أو بضعة آراء, وسيظل بيئة غير نشطة كما يراها كثيرٌ من المعنيين بالشأن الثقافي طالما أنها لم تلحق - فعلياً - بالرؤية السعودية 2030 .
اليوم لدينا عدة كيانات معنية بالشأن الثقافي: جمعية الثقافة والفنون، ووكالة الوزارة للشؤون الثقافية, والهيئة العامة للثقافة, وهناك جهات أخرى تتعاطى العمل الثقافي بشكل أو بآخر, يهمنا الآن الجهات الثلاث: الجمعية/ الوكالة/ الهيئة, وأهمية هذه الجهات الثلاث تكمن في أنها هي أمل المثقفين والفنانين وهي التي يدور حولها الأحاديث والكلام والجدل.
من جهة, الجمعية لديها كوادر وطاقات وقياديون ولكن بدون (فلوس)، ومن جهة أخرى الهيئة لديها (فلوس) ولكن بدون كوادر فعلية وطاقات ومبدعين, والوكالة (بين بين) ولكنها ربما فقدت مكانتها إلى حد ما وما زال موقعها متأرجحاً بين أن تكون أو لا تكون, وقرار مصيرها ما زال مجهولاً.
هذا هو التشكل النهائي للعمل الثقافي حتى هذه اللحظة, ولا ندري ماذا يحفل به المستقبل, وطالما حديثنا عن هذه اللحظة التي وصلت إليها الثقافة, فإننا نؤكّد باستمرار أن جمعية الثقافة والفنون بعمرها المديد وخبرتها التراكمية وتجربتها الثرية قادرة على النهوض بالعمل الثقافي طالما توفرت الميزانيات الكافية, كما نؤكّد أن هيئة الثقافة بحيويتها وطموحها وبكونها وليدة الرؤية قادرة على أن تفعل ما لم يستطع غيرها فعله.
النتيجة أن تحالف الجمعية مع الهيئة مع القطاع الخاص سيشكِّل نقلة نوعية في العمل الثقافي, بغض النظر عن تحفّظ الهيئة على بعض كوادر الجمعية وأسلوب عملها وتهالك بعض مقراتها, لأن ذلك قابل للإصلاح والتطوير طالما ضخت الهيئة جزءاً من ميزانيتها لهذا الكيان العتيد.
ليس من الصواب زيادة عدد الموظفين بالهيئة لأن ذلك سيعيدنا للمربع الأول, وليس من الصواب أن تنفذ الجمعية كل الأنشطة لأن ذلك ليس بمقدورها, ولكن الصواب والمقترح والمأمول، أن تضع الهيئة الخطط والإستراتيجيات والميزانيات, وأن تتولى الجمعية الدور الإشرافي المباشر للعمل تخطيطاً وتقييماً وتقويماً وقانوناً, ويتولى القطاع التنفيذ.
وحتى لا نستغرق في الشرح والتفصيل والإقناع, لننظر إلى هيئة الترفيه لديها في هذا العام 2018 ما يقارب من 5500 فعالية بمختلف مناطق المملكة وهو رقم قياسي, بموظفين معدودين، ولكن جاء ذلك بشراكتها مع القطاع الخاص الذي ينفذ ويتحمّل المسؤولية الكاملة عن أعماله, بآليات سهلة وبسيطة وسريعة عن طريق الـ أون لاين, ليس هناك مسؤول عام مركزي، وليس هناك مسؤول يقرّب هذا ويبعد ذاك, ولكن الفكرة الإبداعية هي سيدة الموقف.