أحمد المغلوث
خلال عملي في صحة الأحساء طوال أربعة عقود تقريبًا كنت على علم بما يعانيه البعض من مرضى «السكري». وبحكم عملي مديرًا للعلاقات العامة والتوعية الصحية أتيح لي حضور أكثر من ندوة ومؤتمر على مستوى المنطقة أو خارجها عن مرض «السكري»؛ لذلك استمعت للكثير من المحاضرات والمناقشات وحتى الأفلام والصور التي وثقت ما يعانيه مرضى القدم السكرية، ومتاعبها المختلفة. وباختصار، ولمن لا يعرف أن ملايين في العالم من المصابين بداء السكري هم أكثر عرضة للإصابة بالتقرحات والالتهابات والغرغرينا؛ وذلك نتيجة الاعتلالات العصبية والشريانية والمفصلية التي يسببها هذا المرض اللعين والمتعب، ليس في بلادنا فحسب وإنما في مختلف دول العالم الغنية والمتوسطة والفقيرة. وهذا المرض المتعب يعتبر من أكثر الأمراض انتشارًا في مختلف الدول. ويشير الأطباء الاستشاريون إلى أن كل مريض بداء السكري عرضة للإصابة بالقدم السكرية بنسبة لا تقل عن 15 %. وهذه نسبة عالية، تدعونا إلى الاهتمام بمرضى السكري. وكنت أتمنى أن يقام في كل منطقة في بلادنا مركز متخصص لمرضى السكري.. وبالإمكان أن تساهم في إنشائه الجمعيات الخيرية ولجان أصدقاء المرضى والمؤسسات الخيرية الأخرى التي انتشرت - ولله الحمد - في بلادنا في السنوات الأخيرة. مع دعم وزارة الصحة نفسها هذه المراكز الخاصة بهذا المرض عندما تتوافر في مناطقنا وحتى في مدننا الكبيرة سوف تساهم في العناية والرعاية والتوعية الصحية الفعلية بمرضى «السكري»؛ فهذا المرض «السكري» المتعب يجب أن يحفزنا على توفير كل ما من شأنه أن يساهم في التخفيف من معاناة أصحابه. والعناية بهم منذ البداية أفضل من العناية والاهتمام بهم بعد حدوث المضاعفات التي لا تخفى على السادة الأطباء. ولتفادي النتائج التي تترتب على تهديد صحتهم وحياتهم، مع أن تكاليف علاج «السكري» بالمملكة حسب الإحصاءات مكلفة جدًّا. ولقد كشف سعادة الدكتور «خالد الربيعان» مدير المركز الجامعي للسكري في افتتاحية الملف الشهري الرابع عشر تحت عنوان «السكري القاتل الصامت» - وفقًا لما نشرته إحدى الصحف المحلية - أن فاتورة علاج السكري تنقسم إلى نوعين من التكلفة المباشرة وغير المباشرة. فالتكلفة الأولى تبلغ 9 مليارات ريال، وهي التكلفة التي تكون نتيجة الصرف المباشر على العناية الصحية بمرضى السكري في المملكة شاملة تكاليف الدواء والمعاينة الطبية وتكاليف الفحوصات المختلفة. أما التكفة غير المباشرة فتكون ناتجة من حدوث الإعاقات الجسدية والبصرية وغيرها، إضافة إلى الصرف المالي الناتج من التوقف أو فقد العمل، وغيرها مما يؤثر في الناتج القومي؛ وبالتالي ارتفاع كلفة هذا المرض؛ لتبلغ ما يزيد على 80 مليار ريال سنويًّا. لا شك أنه مبلغ كبير جدًّا جدًّا. ومؤخرًا نشرت هذه الصحيفة «الجزيرة» خبرًا فيه الكثير من التفاؤل. وباختصار.. فلقد طور علماء أمريكيون جوارب ذكية، تمكِّن مرضى السكري من التنبؤ بحدوث قرح في أقدامهم، ومن ثم تجنيبهم التعرض لمضاعفات قد تؤدي إلى فقدانها. وهذه الجوارب جاءت وليدة بحث لباحثين في الهندسة الطبية في سان فرانسيسكو، الذين توصلوا حديثًا إلى «جورب ذكي، يبلغ سعر الزوج منه 20 دولارًا، بتطبيق ذكي على الهواتف، يُشعر المريض بإمكانية حدوث القرح، وبموعد تقريبي لذلك..». ومثل هذا الإنجاز الطبي المهم لو تم توفيره لمختلف مرضى «السكري» في بلادنا الحبيبة، وخصوصًا أن سعره معقول، سوف يساهم في العناية بأقدام مرضى «السكري» في بلادنا؛ وبالتالي سوف تقل المضاعفات وتأثيرات المرضى على أقدامهم.. وحتى تتوقف عمليات بتر الأطراف السفلية الناتجة من حدوث التقرحات والمضاعفات. فهل نسارع في توفير هذه النوعية من «الجوارب» الطبية الذكية التي سوف تساهم بطريقة غير مباشرة في التقليل من فاتورة علاج مرضى «السكري»؟ نأمل ذلك..