رقية سليمان الهويريني
بشجاعة معهودة قال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان (البيئة في السعودية تدفع حتى السعوديين إلى خارجها، وهذا أحد الأسباب التي تجعلنا نريد إصلاحات اجتماعية).
وتصريح الأمير الشجاع للصحيفة الأمريكية والاعتراف بوجود المشكلة يعد بداية مراحل العلاج بدلاً من تجاهلها أو إنكارها الذي يفضي لمزيد من تفاقمها واستمرارها مما يؤدي لفشل الرؤية.
والإصلاحات الاجتماعية تتطلب العمل على تغيير العقل الجمعي وتنشيط الفكر المستقل ليمكن للشخص الابتعاد عن التبعية واتخاذ قراره وتقبل الانفتاح. كما أن الإصلاحات الاجتماعية لا تكفي إن لم تدعمها قوانين صارمة تفرض عدم التدخل في شؤون الآخرين.
كما ينبغي أن يكون للحكومة هيبة في فرض النظام على الجميع ومحاربة جميع أشكال التنمر الاجتماعي والتوحش الشعبي. ولعلنا لا نختلف أن الإرادة السياسية كفيلة بإرساء الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي يحدوها الطموح لإعادة تشكيل المجتمع بحيث يصبح قوياً صامداً أمام الشائعات متيناً أمام الادعاءات بدلاً من الهشاشة التي تعتريه، ولن يستقيم ذلك إلا من خلال صناعة تعليمية جادة بأقطابها الثلاثة المعلم والمنهج والبيئة المناسبة التي تدعو لقبول الاختلاف والتعايش مع الآخر. وبعدها يمكن أن تتغير المفاهيم وتتبدل عندما تلمس إصلاحات حقيقية وليست شكلية تنقل الناس من شبح الإحباطات إلى أطياف الأمل محاطة بطرح الرأي دون قمع وقبول الرأي الآخر دون قهر.
ويأتي عنوان المقال رداً على بعض القراء والمغردين الذين يصرخون في وجهي حين يقرأون بعض محتوى مقالاتي الداعية لإصلاحات اجتماعية أسوة بمن حولنا من دول متقدمة فيقولون «هاجري إذا ما أعجبتك بلدنا»! ولا يدركون حقي وغيري في المواطنة وما يمنحه البلد من أمن ومشاعر لا توصف!
ولأن للمواطن حقاً بالعيش بكرامة في بلده وإبداء رأيه وليس من حق أحد أن ينهره أو يطلب منه الهجرة؛ فإن من لا ترضيه الإصلاحات الاجتماعية القادمة ولا تناسب أفكاره ولا تلائم أهواءه؛ فيمكنه البقاء في بيته عزيزاً كريماً ولن يلزمه أحد بالمشاركة أو مغادرة البلد أو الهجرة!