يعد المؤرخ إبراهيم بن صالح بن عيسى (1270 هـ - 1343هـ) من المؤرّخين البارزين في منطقة نجد وله عدة مؤلفات في كتب التاريخ وعلم الأنساب وقلمة من أبرز أقلام النساخ الثقات في عصره والمعتمد لدى المؤرخين والباحثين المعاصرين.
ومن أشهر أعماله وأضخمها وأكثر تداول بين المهتمين بالتاريخ هو مخطوط المسمى (مجموع ابن عيسى) لما يحتويه من معلومات قيمة ونادرة وقد لفت انتباهي عند تصفحه إحصائية كتبت لتعداد سكاني في سنة 1320 هـ شملت (جنس/ الذكور) لبعض الأقاليم النجدية وكذلك تضمنت تحديد بُعد المسافة بين بلدان تلك الأقاليم وكان المقياس المستخدم هو الميل وقبل سردها وعرضها على القارئ الكريم بدر في ذهني عدة تساؤلات أود طرحها وهي كالتالي:
س1/ ما هو الدافع لكتابة مثل هذه الإحصائية علماً بأن هذا الأسلوب غير دارج ومتعارف علية بين مؤرخين نجد القدماء وهو أسلوب متبع لدى المستشرقين الغربيين الذين قدموا للجزيرة العربية؟
س2/ نجد إحصائية التعداد السكاني للبلدان اختصت بجنس الذكور فقط هل شملت جميع الفئات العمرية من (كبار السن - الشباب - الأطفال) أم أن الإحصائية اقتصرت على تعداد الذكور من المقاتلين في كل بلدة؟
س3/ ما مدى صحة ودقة تلك الإحصائية من حيث التعداد السكاني لتلك البلدان المذكورة وما هي مصدرها؟
س4/ نلاحظ عدم ذكر أسماء بعض البلدان في الإحصائية كـ (بلد جوى - وبلد الخيس) بإقليم سدير وغيرها كذلك من بلدان الأقاليم الأخرى؟
مخطوطة مجموع ابن عيسى
المخطوطة:
أُرخت الإحصائية في عام 1320هـ وقد شملت الإحصائية على عدد البلدان وعدد السكان الذكور بها وكذلك تجديد بُعد المسافة وكان المقياس المستخدم هو (الميل الذي يعادل 4000 ذراعاً) بين بلدان تلك الأقاليم الخمسة بمنطقة نجد وهي (إقليم سدير - إقليم القصيم - إقليم المحمل - إقليم الوشم - إقليم العارض) وسنتطرق في هذا المقال فقط على حصر عدد البلدان والتعداد السكاني بها:
أولاً/ إقليم سدير:
شملت الإحصائية على عدد (17 بلدة) وهي التويم، المجمعة، حرمة، جلاجل،روضة سدير، الداخلة، الحصون، الحوطة، الجنيفي، العطار، الجنوبية، عشيرة، تمير، الخطامة، الرويضة، الغاط وقد بلغ عدد الذكور (3680 رجلاً).
ثانياً / إقليم القصيم:
شملت الإحصائية على عدد (11 بلدة) وهي بريدة، عنيزة، الرس، الهلالية، البكيرية، الخبراء البدايع، المذنب، النبهانيه، عين ابن فهيد، قصيبا، وقد بلغ عدد الذكور (11000 رجلاً).
ثالثاً/ إقليم المحمل:
شملت الإحصائية على عدد (6 بلدات) وهي ثادق، ملهم، حريملاء، البير، القرينة، رغبه، وقد بلغ عدد الذكور (1845 رجلاً).
رابعاً/ إقليم الوشم:
شملت الإحصائية على عدد (13 بلدة) وهي شقراء، أشيقر، القراين، الفرعة، وثيثية، ثرمداء، مرات، القصب، الحريق، الجريفة، غسلة، البره، ضرما وتوابعها، وقد بلغ عدد الذكور (4240 رجلاً).
خامساً/ إقليم العارض:
شملت الإحصائية على عدد (16 بلدة) وهي الرياض، منفوحة، المصانع، حاير، عرقه، العمارية، أباالكباش، الجبيلة العيينه، الدرعيه، سدوس، الخرج، الرفيعة، نعجان، اليمامة السلمية وقد بلغ عدد الذكور (6421 رجلاً).
وقد بلغ مجموع عدد البلدات المذكورة هي (63 بلدة) كما بلغ مجموع التعداد السكاني من الذكور في الخمس الأقاليم (إقليم سدير - إقليم القصيم - إقليم المحمل - إقليم الوشم - إقليم العارض) بمنطقة نجد هو (20765 رجلاً).
ومن خلال استعراض الإحصائية الأنفة ذكرها وطربها بالتساؤلات السابقة، نرجح أن الإحصائية قد اقتصرت على (التعداد الذكور من المقاتلين) لتلك البلدات وليس على أجمالي عدد الذكور من جميع الفئات العمرية (كبار السن - الشباب - الأطفال) لأنه يصعب في تلك الحقبة الزمنية حصر عدد الأطفال وكذلك حصر المسافرين من أهالي البلدان لغرض التجارة أو طلب العلم مما يتضح لنا بعدم الجرم بدقة تلك الإحصائية بل تعد إحصائية تقريبية حسبما ذكر المؤرخ ابن عيسى وذلك لضعف الإمكانات حيث كان الأسلوب المتبع والمتعارف علية قديما هو حصر عدد المقاتلين لكل بلدة أو قبيلة بناء على ما يتناقل به العامة، وأما بالنسبة لعدم ذكر أسماء بعض البلدان في الإحصائية فنرجح أن يكون لسببين وهما: السبب الأول هو عدم توفر المعلومات عن تلك البلدان أما السبب الثاني قد يكون هو عدم وجود لها أهميه وثقل بتلك الأقاليم في نظر المؤرخ ابن عيسى وعلى سبيل المثال عند تطرقه لإحصائية تعداد سكان بلدان الوشم عند ذكره (لبلد ضرما وتوابعها)، وأما بالنسبة لتساؤل عن ما هو الدافع لكتابة تلك الإحصائية علماَ أن هذا الأسلوب غير متعارف علية بين مؤرخين نجد القدماء؟ فاترك الإجابة على هذا التساؤل للإخوة الباحثين لعل برأيهم نستنير وفي الختام تقبلوا تحياتي.
** **
- فايز بن إبراهيم بن عثمان المفيز