«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
الصدفة وحدها جعلتني وأنا أبحث عن قنوات إخبارية عبر جهاز «الرسيفر» الساحر الذي يحتوي على ما يحتوي من قنوات فضائية مختلفة ومتعددة من مختلف دول العالم أن أتوقف على قناة «الشرقية» العراقية الشهيرة وكان فيها برنامج حواري مع أحد اللاعبين العراقيين القدامى وشدّني خلال الحوار ثقافته الرياضية الواسعة والمشبعة بالمعلومات عندما قال في سياق حديثة كلمة (شسمه) وهذه كلمة تقفز بين حين وآخر خلال حديث ملايين من أبناء الخليج ويتساوى في ذكرها الكبير والصغير والغني والفقير. ففجأة وخلال الاسترسال في الحديث أو «السوالف» أو تبادل الحوارات التلقائية المباشرة تخرج هذا الكلمة «شسمه» كأنها تتساءل عن ما يريد أن يقوله أحدهما من تعبير أو معنى أو أنه أيضاً يستفسر من محاوره أو الذي يتحدث معه. عن شيء ما.. وعادة ما تبرز «شسمه» لدى أبناء مجتمع الخليج، وبصراحة هذه أول مرة أسمعها من خلال مواطن عراقي. لكننا في دول الخليج كثير ما نسمعها، بل حتى أننا نرددها كـ(لزمة) تأتي بصورة عفوية وبدون إحم ولا دستور. وما زلت أذكر ونحن صغار وكنا نلعب مع أصحابنا وبعضنا يطرح علينا ألغازاً طفولية محببة. أذكر منها: تعرف شيء حروفه خمسة لا بد من مسكه ولمسه.. تعرف شسمه؟ يمسكه الأب وتمسكه الجدة. وتحطه تحت المخدة. تعرف شسمه؟ ونروح نفكر ونفكر. ونعدد الأشياء التي يمسكها الآباء والجدات. وحروفه خمسة. وبعد جهد. نعترف بأننا لم نصل إلى حل اللغز.. وعندما يطلب منا صديقنا الخبيث الذي أثار شهيتنا المعرفية ولمعرفة أبو الخمسة حروف. ما هو. فكان يطلب منا أن نعطيه حلوى (البغيطة) وكانت هي الحلوى الأشهر في منطقتنا وتصنع محلياً.. المهم نتراكض لحظتها لنذهب إلى بيوتنا تاركين ظلال (السباط) البارد الذي كنا نجلس فيه ونلعب بالقرب من بيوتنا لنحضر له ما طلبه لا حباً فيه وإنما من أجل معرفة هذا الذي قال ( شسمه) ورغم أن هذا الشيء موجود ويستعمل في بيوتنا فكنا وبحكم عقلياتنا وحتى أعمارنا لم نصل بعد إلى درجة سبر غور الألغاز ومعرفة خفاياها. ولكن صاحبنا الخبيث استطاع أن يوصل لنا المعلومة الصحيحة إلى جانب الإثارة المعرفية والبحثية في ذات الوقت وهي طريقة محمودة، بل تعد من أهم ما في الرسالة التعليمية، وبحكم ما تتسم به من ثوابت ومرتكزات فكرية تحرك العقل للتفكير والإثارة وحتى التعمّق في الأشياء المحيطة والموجودة بيننا وهذه رسالة تعتمد عليها دول عديدة من خلال تنظيملمسابقات والمناظرات وحتى نشرها في المجلات والمطبوعات التي تعتمد على البحث وحلول الكلمات المتقاطعة أو المتناثرة أو عبر البحث عن الأشياء الخفية داخل رسوم مموهة أو تم إخفاء شيء داخلها. وأذكر بالمناسبة انتشار مجلات (المتاهة = Maze) في دول الغرب وحتى بعض الدول العربية كلبنان ومصر والمغرب وبتواضع شاركت قبل سنوات في إعداد صفحة تسالي في صحيفة المدينة ملحق الأربعاء وكنت أرسم فيها مثل هذا النوع من التسلية (المتاهة). ونعود لصاحبنا صاحب (شسمه) فكشف لنا بعد أن حصل على مبتغاه أن المقصود بذات الخمسة حروف هي (مروحة) أو المهفة الخوصية التي تصنع من سعف النخيل وكانت بعض الجدات حرصاً عليها تضعها تحت مخدتها...!