د. خيرية السقاف
حين تأخذ الأمهات صغارهن للمدرسة فليس فقط لأن يتعلموا القراءة, والكتابة..
فما في القراءة ما يعلِّم كيف السباحة في بحر الحياة,
والنجاة من الغرق فيه!!..
وفيها ما يعلم كيف الطيران في فضائها,
دون السقوط في مجاهلها الشاسعة..
وفيها ما يهب مفاتيح النور,
وكيف تعمل مصابيحه؟ّ!..
وفيها كيف تُقرأ خرائط الدروب, وتُرتاد دون التيه, والضياع, والتردي..
وفي الكتابة ما يعلم كيف, ومتى التدوين, ما الدُّرْبة,
ما الذي يبقى, وما الذي يُمحى..
المدرسة ليست للفسحة حين يقضي الصغار فيها من أعمارهم ردحًا من الزمن
يفوق ما في خارجها من أعمارهم..
المدرسة ليست منصة للحياة, وخاتمة لمعارفها,
وليست عَلَمَا يُنصَب للمباهاة، ولا شارة لمراتبها..
فكلما اتسعت مساحاتها الزمنية، ومنطلقاتها المتوالية,
وامتدت حلقاتها المتصلة, وثقلت محاصيلها في الميزان, وتحللت مقاعدها من الركبان,
وزُّجت الأقدام عنها في معمعة الحياة,
كلما انبلجت حقائق مكنونها, وأنواع بذورها, وألوان نباتها,
ومستويات ارتفاع فروعها, وأغصانها..
الجذر أين, والبذرة ما, والمكنون إلى أين؟!..
وكل الفضاءات محاصيلها!!..
فالمدرسة المدرسة!!..