د. جاسر الحربش
تشمل النقاط الأخيرة في لقاء المجموعة السعودية مع الوفد الإعلامي الجزائري غزو العراق وأسباب مقاطعة دول مجلس التعاون الخليجي لدولة قطر والموقف الخليجي من عدوانية الحكومة الإيرانية، وتبقى أهم النقاط قضية التدخل الخليجي العسكري بطلب من الحكومة اليمنية الشرعية لإبطال استيلاء التآمر الإيراني الحوثي على اليمن وأن يحصل فيه ما جرى في العراق وسوريا ولبنان.
في نقاش الغزو الأمريكي البريطاني الإيراني للعراق عام 2003م نبهنا الإخوة الجزائريين إلى بطلان الدس الإعلامي الذي روج لكذبة مشاركة السعودية في الحملة العسكرية على العراق. تم التذكير بالموقف السعودي الرافض للغزو منذ البداية وبالاتهام السعودي للولايات المتحدة الأمريكية بأنها قدمت العراق لإيران على طبق من ذهب على لسان وزير الخارجية السابق المرحوم سعود الفيصل، وأكدنا لهم، مطالبين بالرجوع إلى فعاليات الغزو في حينه، بأن القواعد العسكرية والاستخباراتية واللوجستية التي انطلق منها غزو العراق لم تكن في السعودية ولكن في قطر، وأحلناهم إلى الشعبية الكبيرة للسعودية عند الشعب العراقي الشقيق بكل أطيافه ومذاهبه، وأهل العراق أدرى بأسرار الغزو.
أما بالنسبة للمقاطعة الخليجية لحكومة قطر فلم تكن المجموعة السعودية بحاجة لتذكير الوفد الجزائري بأسبابه حيث صرح الوفد نفسه بمعرفته للدور الإعلامي التخريبي الذي تمارسه قناة الجزيرة القطرية وبالأموال التي دفعتها حكومة قطر لتمويل الإرهاب في ليبيا وتونس ودول الشمال الإفريقي، وبإدراكه أن السياسة القطرية التخريبية تخدم أجندات انفصالية هدامة أجنبية، فقلنا لهم إن قطر مارست وتمارس في المنظومة الخليجية نفس الدور التخريبي.
بخصوص الموقف السعودي خصوصاً والخليجي عموماً ما عدا قطر من الهجمة العدوانية الإيرانية لمسنا بعض التساؤل عند بعض أعضاء الوفد الجزائري، لماذا لا يتم التعامل والحوار مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية كدولة إسلامية تساهم في كبح التوسع الصهيوني. قلنا للإخوة الجزائريين إن موقف السعودية تجاه التوسع الإيراني نابع من حقائق خطيرة، أولها المجاهرة بتصدير الثورة الإيرانية على لسان الخميني من أول أيام الحكم في طهران، وذكرناهم بالإعلام الإيراني العدواني الصريح ضد الحكومات العربية واتهامها بالكفر وعدم الشرعية واحتلال المقدسات الإسلامية، وسألناهم عن فهمهم للتعاون الأمريكي مع الحكومة الإيرانية وعملائها في العراق وسوريا وميليشياتها لتدمير العراق وسوريا ولبنان وتشريد الملايين من العرب السنة في العراق وسوريا، وطلبنا منهم المقارنة بين معاملة إيران لسجناء الرأي عندها ومعاملة السجناء في السعودية الذين يستطيعون طلب مقابلتهم إن أرادوا ذلك، على أن يحاولوا تقديم نفس الطلب إلى إيران التي يعتبرونها دولة إسلامية، ولكن لن يلبى طلبهم لأن مصيرهم في إيران التعذيب والصعق والقتل، وهي أكثر الدول أعداداً في أحكام الإعدام على الإطلاق.
أما بالنسبة لتدخل التحالف الخليجي بطلب من الشرعية اليمنية لإنقاذ اليمن من السقوط في يد إيران لتصبح صنعاء العاصمة العربية الرابعة في قبضتها، فقد أوضحنا لهم التالي: اليمن أصل العرب وصنعاء عاصمتهم الحضارية الأولى، واليمن خاصرة الجزيرة العربية المفتوحة على الملاحة العالمية في باب المندب والبحر الأحمر والبحر العربي، وإن التحالف الحوثي الإيراني تحالف مذهبي عنصري شديد الكره للعرب وطارئ على التركيبة السكانية والمذهبية اليمنية، ويجاهر بأن هدفه الحقيقي الاستيلاء على مكة المكرمة والمدينة المنورة وتفتيت المكونات السياسية والاجتماعية في الجزيرة العربية. قلنا لهم إن هذا يكفي جزءاً منه للتدخل حتى بدون تغطية شرعية، لكن التحالف تحمل وصبر حتى استولى الحوثيون على صنعاء وأسقطوا الحكومة الشرعية، ثم طلبت هذه بدورها رسمياً التدخل والإنقاذ من الجوار العربي والخليجي والإسلامي، وهكذا سارت الأمور وسوف تستمر حتى استعادة اليمن لأهله وللعرب. انتهى اللقاء وودعنا الوفد الجزائري الشقيق مصحوباً بالسلامة.