سعود عبدالعزيز الجنيدل
المراقب لما يدور هذه الأيام -حتى منذ القدم- يكتشف سجالات بين عدد من الأشخاص.. والحقيقة أن هؤلاء الأشخاص يمثلون علية القوم في العلم، فجلهم من الأكاديميين.
الموضوع باختصار قيام أحد الأكاديميين، بجهد كبير، واستحضار لكثير من الأدلة، لكي يبرهن على وجهة نظره في أن اللغة العربية أفضل اللغات على الإطلاق؛ وما صاحب هذه السلسلة التي نشرت في إحدى الجرائد الرسمية من تفاعل من قبل المثقفين بين مؤيد لما قيل في السلسلة، ورافض لها.
طبعاً لا أخفي عليكم أنني أحببت أن أدلو بدلوي في هذه المسألة، ولكن من زاوية أخرى مختلفة عما قيل.. وقبل الإدلاء برأيي يحضرني عدد من الأسئلة:
- ما الذي يدفع شخصاً ما للقول: إن لغته أياً كانت -mother tongue- أفضل اللغات؟..
- وهل يمكن الوصول إلى حقيقة علمية حول هذا السؤال؟..
- وهل القول بأفضلية لغة ما محصور عندنا، من دون بقية الأمم؟..
- وأخيراً وليس آخراً.. هل سيفيدنا هذا الكلام، والنقاش؟..
بكل تأكيد إن الذين يقولون بأفضلية لغتهم كثر، وكل واحد منهم يملك الحق في قول ما يشاء، كون هذا القول مجرد رأي يعرضه، ولا يفرضه. ولكن هل يمكن الوصول إلى حقيقة ثابتة حول أفضلية لغة ما؛ وبما أني ناقشت هذه المسألة في مقال سابق عنوانه: «بيتنا أفضل بيت»، فلن أعود لتكرار ما قلته بهذا الخصوص.
ولو عرجنا إلى الدوافع التي تدفع أيّاً كان للقول بأفضلية لغته، فسنجد أن التعصب اللغوي من أهم الأسباب؛ ليس عندنا فحسب، بل عند غيرنا أيضاً.. ولكن ما يجعل هذا الأمر يطرح حالياً عندنا -من وجهة نظري- هو الشعور بالضعف؛ فالأمة العربية تعدُّ متأخرة بمراحل عن الركب في شتى العلوم والمعارف، ولا تحتاج المسألة إلى براهين وأدلة.. فمجرد النظر في واقع الأمة العربية حالياً، سنرى ذلك واضحاً وضوحَ الشمس في رابعة النهار؛ ولهذا نلجأ إلى اللغة العربية، ونعدها رأس الحربة التي نعتمد عليها في قلب الموازين.. فنحن وإنْ كنّا متأخرين عن ركب العلم والتّطور، فما زلنا نملك اللغة العربية التي نراها أفضل اللغات؛ على رأي من يقول هذا..!.
حقيقة لا أرى فائدة من طرح مثل هذه الأمور، فالأفضلية معيار ذوقيٌّ لا نستطيع إخضاعه إلى مقاييس علمية، -خصوصاً- إذا أردنا القطع بهذه الأفضلية على الإطلاق. ويمكن القول: إن سلسلة أفضلية اللغة التي أطلقها أحد الأكاديميين كوّنت رأيين اثنين:
- الرأي الأول: أعجب بما طرح، وذهب مع الكاتب فيما قاله.
- الرأي الثاني: لم يعجبه ما طرح، مما حدا ببعضهم إلى الرد على سلسلة الكاتب.
* أخيراً:
لا يمكن بحالٍ من الأحوال القطع بأفضلية اللغة العربية على سائر اللغات.. وفي السياق ذاته لا يمكن القول بأفضلية لغة ما على سائر اللغات، فأغلب اللغات تحمل مزايا وخصائص لا توجد في غيرها، ومن التعصب اللغوي أن نقوم بسرد خصائص اللغة العربية، وندعي الكمال لها، فاللغات الأخرى تحمل بين طياتها خصائص لا توجد في اللغة العربية.
وما يحسب لهذه السلسلة أنها أثارت قضية لغوية، قضية أثارت المتخصصين، وانقسموا حولها.. والقضية تتلخص في السؤال التالي:
- هل نقول: ست تغييرات؟ أم ستة تغييرات؟..
بالنسبة لي سأغني لـ»ليلى» الخاصة بي.. أما بالنسبة لكم، فما أدري ماذا أنتم مغنون لها..؟!.