سعد بن عبدالقادر القويعي
في خلال السنتين الأخيرتين، تؤكد وزارة الشؤون الإسلامية، والدعوة، والإرشاد في السعودية، عن: « انعدام نسبة التشدد، والتجاوزات من الأئمة، والخطباء على منابر الجمعة، والمجالس الدعوية «، بعد أن آتت برامج الوزارة لتعزيز الأمن الفكري بين منسوبيها أكلها في إطار محاربتها الفكر المتطرف، وتعزيز الوسطية، والاعتدال، وذلك من طريق استحداث برامج لإعادة تأهيل منسوبي الوزارة، ومراقبة المحتوى في منابر الجمعة، ومختلف المناشط الدعوية؛ بما يهدف إلى حفظ النظام العام، وتحقيق الأمن بمفهومه الشامل.
غني عن القول: إن الأمن الفكري يرتبط بحفظ الدين، وهو المقصد الأول ابتداء. كما يرتبط بسائر مقاصد الشريعة التي جاءت لتحقيق مصالح العباد في الحال، والمآل، كالنفس، والعقل، والمال، والعرض، والتي تحمل في طياتها مفاهيم عميقة لتعزيز أمن المجتمع الفكري، ومحاربة أي شكل من أشكال الانحراف الفكري، - إضافة - إلى الاعتدال في فهم الأمور الحياتية - الدينية، والسياسية، والاجتماعية -، والتي تلقي الضوء على قضايا التسامح الديني، واحترام التنوع، والاعتراف بالآخر المختلف؛ كي نحقق للأمة وحدتها، وتلاحمها، ونحافظ على ثقافتها، ومكونات أصالتها، وقيمها.
إن الرؤية المتكاملة لتحقيق الأمن على الفكر الاعتقادي، تقتضي القضاء على التصورات المناقضة لما جاء به الإسلام، والمصادمة لها، والتي تستوجب تنفير الناس عن الإسلام، وتشويه صورته النقية، وصورة المسلمين؛ مما يشكل خطراً على نظام الدولة، وأمن المجتمع، بعد أن أصبحت الأفكار الخاطئة - في زمن مضى -، والتي شكلت خطرا على قيم المجتمع، وأمنه هدفًا سهلاً للميل، والغواية به، تحت مسميات، ودعاوى مذهبية منافية للفطرة السليمة، وخارجة عن نطاق العقول السوية؛ وليصبح الفكر المنحرف بعد ذلك، هو البيئة الخصبة لانتشار الإرهاب.
يبقى أن الحديث عن الأمن الفكري أصبح ضرورة ملحة لتقدم المجتمعات، ورقيها؛ حتى يعيش الناس في أوطانهم، وبين مجتمعاتهم آمنين، ومطمئنين على مكونات أصالتهم، وثقافتهم النوعية، ومنظومتهم الفكرية. - وفي تقديري - أن وزارة الشؤون الإسلامية، والدعوة، والإرشاد تتحمل العبء الأكبر من منطلق المسؤولية الاجتماعية، والذي يقتضي عملاً يومياً مستمراً دؤوباً، يتجاوز المؤتمرات، واللقاءات، والندوات - على أهميتها - في التحذير من الفكر الضال، والتوعية بمفهوم الأمن الفكري، والمشتملة على تعميق مفاهيم الانتماء الوطني، والمستمد من عقيدته الصافية في تطهير المجتمع، عبر إبراز التلازم بين العقيدة الصحيحة، وسلامة الفكر، وأمنه التام.