الجزيرة - أحمد المغلوث:
تمددت أم يوسف على سريرها باسترخاء وهي تتصفح رسائل الواتساب التي تصلها من قريباتها وصويحباتها من خلال أكثر من «قروب» بعضها اشتركت فيه من باب الحرص على معرفة كل ما يستجد في مجتمع أسرتها، بل حتى قبيلتها التي تنتمي إليها هذا كان في بداية تعلقها بهذا البرنامج الخرافي قبل عامين عندما قامت ابنتها بإهدائها هاتف آيفون جديد وقامت بتحميل كل البرامج والتطبيقات التي رأت أنها مناسبة لها. لم تكن تصدق أم يوسف أنها سوف تتعلق بهذا الهاتف، بل وما فيه من برامج مذهلة وشيقة جعلتها تعيش لحظات فيها الكثير من البهجة والكثير من المتعة. والأهم أنها تشعر بأنها باتت غير عن أول. إنها تستطيع أن تعرف ما يستجد من الأحداث والأخبار لا داخل أسرتها أو مدينتها فحسب، بل حتى وطنها الكبير والعالم. كل شيء رهن لمسة من إصبعها. إنها تتابع الآن زيارة ولي العهد الأمين إلى أمريكا ونشاطاته وفعالياته ولقاءاته واجتماعاته. بالصوت والصورة. منافسة إعلامية كبرى لتغطية هذه الزيارة وكم دعت الله أن يحفظه وأن يوفقه في مساعيه الخيّرة وفي نفس الوقت تنتقل لمتابعة ما ينشر من تغريدات حول الزيارة. تشعر بفخر واعتزاز وهي تقرأ التغريدات والتغطيات الصحفية. آه، لحظه، ها هي ابنة عمها سارة. تدخل في «الواتساب» لترى ماذا كتبت وأرسلت. خبر عن: حجز أملاك رئيس كتابة عدل وزوجاته وأبنائه.. ومن ضمن الخبر ما أشارت إليه وزارة العدل في حسابها بموقع تويتر: إن وزارة العدل ماضية في سعيها لضمان أعلى درجات الموثوقية لصكوك الملكية الصادرة من الدوائر العدلية، فرددت بينها وبين نفسها شكراً لقيادتنا الرشيدة التي أوفت بعهدها في محاربة الفساد والفاسدين. وقبل أن تنتهي من قراءة ما أرسلته سارة ها هي أم عبدالوهاب تبعث لها نص رابط لمقال حمل عنواناً مثيراً «انتحال شخصية» شيخ «وبعد أن اطلعت على نص المقال شعرت بالاشمئزاز والضيق أن يقدم أحد المنتمين إلى قمة الفضيلة والعدالة إلى الانحراف لدرجة كبيرة أن يرتشي بمئات الملايين. وكيف سمح له ضميره ودراسته العلمية لعلوم الدين والشريعة أن يسلك هذا المسلك المشين.. فراحت تردد لا حول ولا قوة إلا بالله. وشكراً ألف شكر لقيادتنا الحكيمة التي لم تتردد في هذا العهد الزاهر. والمفعم بالحزم والعزم والحسم. إن تسعى وبقوة إلى اجتثاث الفساد من مختلف المواقع . فجأة شعرت بأن البيت يهتز وصوت دوي شديد ويسقط هاتفها من يدها لتقوم خائفة وجله وهي ترأ المعوذات وقبل أن تدخل صالة البيت إذا بها ترى الفزع والخوف على وجوه ابنها المراهق وشقيقته والخادمة. وجميعهم يتساءلون عن سبب هذه الهزة المخيفة والغريبة في ذات الوقت وها هي أصوات رسائل الهاتف تدوي في هاتف ابنها. بسرعة فتح ابنها الجوال وإذا بصور شظايا الصاروخ الإيراني القادم من الحوثيين. والذي اصطادته القوات الجوية السعودية كما اصطادت وحطمت الصواريخ الأخرى في جنوب الوطن. الصور تتوالي من خلال رسائل الواتساب وعبر موقع تويتر. وبسرعة قامت بفتح التلفزيون ليشاهد الجميع الأخبار. بعدما أحضرت الخادمة زجاجات الماء البلاستيكية لتهدي من روعهم كما طلبت منها والدتهم ووزعتها عليهم راحت الأم رافعة يديها تحمد الله على نجاح قواتنا الجوية في التصدي للعدوان الحوثي الغادر بعدما تنفست الصعداء وهي تشاهد مقاطع وصور مختلفة من شظايا الصاروخ الخبيث من عملاء النظام الفارسي الحاقد على أمن الوطن واستقراره. وحزنت كما حزن الجميع لوفاة العامل المصري عبد المطلب متأثراً بإصابته نتجه لسقوط إحدى الشظايا في مقر سكنه بحي الحمام.. هدأت نفوس الجميع وذهبوا إلى أسرتهم للنوم في أمن واستقرار. لكن كانت الصور والمقاطع في هاتفها تتوالى في الواتساب وفي تويتر. وعندما عادت إلى سريرها جاءها اتصال من شقيقتها بالشرقية لتطمئن عليها بعدما انتشر خبر الصاروخ.. وكيف تطايرت شظاياه كريش الفروخ.. فسخرتا من هذا العدوان الغبي والأحمق. وانتهت المحادثة بينهما بدعاء مشترك أن يحفظ الله وطننا وقادته ومواطنيه فهو السميع المجيب..