محمد سليمان العنقري
شهدت الخمسون عاماً الماضية اعتماداً كلياً على الإنفاق والدعم الحكومي من قبل القطاع الخاص في تنمية نشاطه وإيراداته وهوامش ربحه.. لكن ومنذ بداية تراجع النمو الاقتصادي في عام 2015م بعد الهبوط الحاد بأسعار النفط بدأ التحدي الكبير الذي واجه أغلب المنشآت الخاصة بما يمس ليس فقط تراجع أنشطتها بل حتى مدى قدرتها على البقاء مما يشير إلى صعوبة مواجهتها لأي دورات اقتصادية هابطة والتي تمر على أي اقتصاد في العالم.
وكانت الدولة قد أطلقت «رؤية المملكة 2030» التي تهدف إلى تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد ليمثل 65 في المائة من الناتج المحلي ووضعت عديداً من البرامج الإصلاحية لرفع كفاءة الاقتصاد وإعادة توزيع الدعم لمستحقيه والاتجاه لاقتصاد تنافسي من خلال التقنية الحديثة وليس العمالة الوافدة الكثيفة والرخيصة الأجور المتدنية المؤهلات، وهو ما مثل تحدياً كبيراً في قدرة القطاع الخاص للتحول للمنافسة بشكلها المستقبلي الجديد، ومما سيزيد من التحديات في جذب الاستثمارات الكبرى قدرتها على التكيف مع كافة الظروف فهي تعمل بلا دعم في بلدانها وتدفع ضرائب ومع ذلك لديها تنافسية كبيرة جداً مما يعني أن الرؤية ستعتمد على الشركات العالمية بنسب ليست بالمحدودة لاختصار الوقت والجهد للوصول لأهدافها مع أن الأفضلية متاحة للقطاع الخاص الوطني.
إن سبيل مواجهة القطاع الخاص المحلي للتحديات المستقبلية يكمن في عديد من الخطوات والتوجهات لعل أهمها الاندماج والاستحواذ لتقوية الكيانات ورفع تنافسيتها فهو اتجاه مهم ويعد بمنزلة «الولادة من جديد» للمنشآت الوطنية لكي توحد من جهودها وتقوي مراكزها المالية وترفع تنافسيتها وتزيد من فرصها للحصول على المشاريع الضخمة القادمة خصوصاً مع التوجهات للخصخصة بالقطاعات الصحية والتعليمية والخدمية عموماً، ومن المهم اتخاذ خطوات تشجع على الاندماجات والاستحواذ من قبل الجهات الحكومية المعنية بالشأن الاقتصادي مما سيمثل فرصة كبيرة لبناء منشآت قوية ذات تنافسية عالية.
التحديات أمام القطاع الخاص الوطني كبيرة جداً، وعلى رغم عديد من المبادرات الداعمة لتنميته من قبل الدولة وفتح الفرص أمامه إلا أن الخطوات المنتظرة من القطاع الخاص إذاً لمواجهة التحديات الحالية والمستقبلية بطريقة غير تقليدية من خلال قياس حجم التحديات وأهمية التحول لكيانات تولد من جديد بكفاءة تشغيلية أعلى واستقطاب لكفاءات وطنية وتأهيلها على استخدام التقنيات الحديثة لمواجهة التنافسية الكبيرة المقبلة بالاقتصاد الوطني مع الشركات العالمية التي تُستقطب لتسهم بدور مهم في الوصول لأهداف «رؤية 2030».