د.عبدالعزيز العمر
أشرنا في الأسبوع الماضي إلى انه لا شيء يضر بالتعليم مثل أن يؤدي المعلمون نشاطهم التربوي وأذهانهم خالية من أي تصور فكري (فلسفي) لجوهر وطبيعة العمل التربوي، ولطبيعة تحدياته الشرسة. عندما تغيب الرؤى النظرية الفلسفية التربوية عن أذهان وتصورات المعلمين والقيادات التربوية عموما يتحول التعليم المدرسي عندئذ إلى مجرد طقوس روتينية مملة ومتكررة خالية من أي روح ومن أي معنى حقيقي، وهذا شرط كاف لبدء التراجع التعليمي. ولإنقاذ النظام التعليمي من أي تخلف تأتي جهود تطوير التعليم لتحقق هذا الغرض. لكن الخطورة تكمن في أن جهود تطوير التعليم تأتي أحيانا شكلية مظهرية، أي لا تنفذ إلى جوهر مشكلات وتحديات التعليم، وهذا ما أشار إليه المفكر التربوي ( Fullan ) عندما قال إن جهود تطوير التعليم تكون أحيانا سطحية خادعة مظللة للناس المعنيين بالتعليم. فليس هناك أسوأ من أن يتم استنفاذ موارد التعليم من أجل تحقيق تطور تعليمي شكلي زائف. ولتمرير التطوير الشكلي المظهري للتعليم يتم اللجوء أحيانا إلى الإعلام لإيهام الناس وإقناعهم أن تطويرا تعليميا قد تحقق، كما يتم اللجوء أحيانا إلى رفع الشعارات البراقة الفارغة لتحقيق ذلك الغرض. ومن مظاهر التطوير الشكلي- مثلا- أن يدعي النظام التعليمي أنه طور الكتب المدرسية، في حين أن التطوير هنا لم يتجاوز في حقيقته الألوان الظاهرة على أغلفة الكتب ونوع الطباعة ونوع الورق المستخدم.