د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
طوْقٌ ملكيٌّ سعودي عالمي يزين أعناق الباحثين؛ وتوق يرقبه ذوو العقول الناضجة منهم؛ وحُلّةٌ تحفيزية عالميّة وارفة للعلم والعلماء تشهدها بلادنا ويشهدها العالم أجمع؛ تلكم هي جائزة الملك فيصل العالمية التي سكنت بكل تفاصيلها وتجليات أهدافها أوعية العلوم النظرية والتطبيقية؛ واندمجت في معامل العلوم واللغة والدراسات العميقة؛ وانتخبتْ بحيادية معيارية ممنهجة كل فرسانها الذين استجلبوا العالم بحراكهم نحو إنجازاتهم، وهذا العام سارت الجائزة على مرمر ساحاتها لتبلغ أوجها في أربعين سنة؛ فاستحقت أن تنال التتويج مع فائزيها من خلال منائرها الخمس [خدمة الإسلام، الدراسات الإسلامية، اللغة العربية والأدب وجائزة العلوم] ومن خلال الجائزة العالميّة في كل عام تمتد شهادات العالم بأسره بأن الفيصل رحمه الله مجدد تنويري روى فزرع في عقول أبنائه طقوساً مختلفة في إدارة العقل والاحتفاء بالفكر فلا بد من استزراعها! وأن العالمية في مفهوم الفيصل - رحمه الله - لا تعدو إلا أن تكون تمكين البشرية من الحياة ليعمرها العقل والإرادة الواعية؛ وأن للفيصل رحمه الله مواسم ومراسم في تتويج العباقرة؛ واستخلاص المزايا الفكرية التي ترفو وجدان العالم من خلالهم؛ فاستجاب أبناء الفيصل ففعلوا وأعلوا صروح الجائزة وصنعوا متكآتها المتينة وأبدعوها تنظيماً ودوداً حافظ على رونق بريقها العالمي فأصبحت جزءاً من تاريخ الفيصل العريق؛ وباتت الجائزة مؤسسة استقطاب للعقول المتفوقة التي تنشد بوابات النور فترفع لهم الجائزة الرايات لينشروا وينتشروا! وما فتئتْ الجائزة رمز حي للانطلاقات الملأى من بلادنا المملكة العربية السعودية فالمكان متوهج حفي؛ والأهداف سامية؛ والبناء شامخ أشم؛ وملوك بلادنا في عهودهم المضيئة يتصدرون احتفاءات الجائزة وتشرُف بهم وبرعايتهم لمواسم تتويج الفائزين؛ كما تشرفتْ الجائزة بخادم الحرمين الملك سلمان في الأسبوع الماضي راعياً وداعماً فصنع حفظه الله لقاءً حضارياً اخترق دوائر الزمن ونبت باسقاً في رواقنا الصحراوي الذي لبس حللاً خضراء نامية توشح بها الفائزون؛ وعادوا بها إلى بلدانهم ليعلنوا أن عالميّة جائزة الملك فيصل رحلة مبهرة في كل أحوالها لاستظهار العلوم والآداب والدراسات؛ وأن عالمية الجائزة تمنح بسخاء تفاصيل المنجز الحضاري للعالم من خلال الفائزين بها؛ وأن عالمية الجائزة انبثقت من خلال زوايا رؤية عميقة متعددة؛ وأن عالمية الجائزتوشحتْ بمكانة الفيصل رحمه الله الذي كان يرى العقل والحكمة من أجلّ مكاسب الإنسانية، وأن عالمية الجائزة اتكأت أيضاً على «خدمة الإنسانية وسعادة البشريّة «كما حدد ذلك سمو الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة ومستشار خادم الحرمين الشريفين ورئيس هيئة الجائزة في كلمته البليغة الذي أجمل فيها سموه حفظه الله التطلعات، وحصر العدد والعُدّة؛ وأحاط سموه الجائزة بعلامات مميزة؛ حيث تزدهر بعقول العلماء الذين أشعلت جائزة الملك فيصل حضورهم العالمي وتوجتهم في مرتبعات المعرفة أقطابا مؤثرين فعبرها منذ تأسيسها مائتان وثمانية وخمسون فائزاً وفائزة اقتسم العالم معهم لحظات الفوز وماضي الجهود؛ وحاضر البشرية الذي امتزج بمنجزاتهم العقلية والفكرية حين استزرعتها الجائزة في حقولها المشمسة؛ ومازالت جائزة الملك فيصل العالمية تشرقُ في بلادنا فتضيء خارجها تطوقها خيرات علمية حسان؛ وما برحتْ تجارة علمية لن تبور بتوفيق الله؛ وما انفك القائمين عليها من أبناء الملك فيصل رحمه الله يلتفون حول دروبها لينقلوها مع مسيرة كل عَام إلى دروب المعرفة العقلية العميقة.
ونُجمل ُ أن مرايا الجائزة استطاعت أن تعكس حراكها المعرفي بكل اقتدار.
ولأن بلادنا مقبلة مستقبلة وصور التقاطاتها المعرفية بدتْ من محركات التنمية الحضارية وحيث أُشرعتْ البوابات للشراكات المعرفية في كافة المجالات فنتمنى أن تسعى الجامعات وكراسي البحث المنشأة فيها للاستفادة من فرسان الجائزة كل عَام في عمق أبحاثهم ودراساتهم ولاسيما أن جائزة الملك فيصل العالميّة قد أخضعتهم للتقييم المعرفي وفق معايير عليا، ولعل ذلك يكون استراتيجية يؤصل لها بإطار مرجعي متكامل للاستفادة من علماء العالم حين يكون حضورهم في بلادنا للاعتراف بمكانهم وتمكنهم في مجالات البحوث العلمية ومخرجاتها وأرى الفرص ملأى مواتية للجامعات السعودية المقبلة على الاستقلالية.
رحم الله الملك فيصل؛ وهنيئاً لبلادنا وقيادتنا الرشيدة «جائزة الملك فيصل العالمية» التي جعلتْ علماء العالم يجولون في رياضنا وحياضنا واصطفت العُلَماء في أرض العلماء،،،
«ربيع وأنفاس الربيع خلاله
وغيث وفي كل البلاد مريعه