نوف بنت عبدالله الحسين
متى نفرّغ حقائبنا الثقيلة؟ وكيف نحصل على حقائب خفيفة؟ ولماذا نذهب بحقائبنا التي أرهقت كاهلنا إلى كل مكان؟ ولماذا نزيد من حمولة حقائبنا إذا ملأناها بالكدر والضيق؟
كم من مرة احتفظنا بالمواقف المزعجة لنتداولها بين أنفسنا.. نجلد الذات ونحاسبها لأننا تواجدنا في هذه المواقف.. نستعرضها حتى في لحظة صفاء.. نستخرجها من حقائبنا كل حين ونتصفّح اللحظات المرهقة.. لا نجعل اللحظة تغادرنا بل نسكنها ونأكل معها وننام بها.. تقض مضاجعنا وتنخر في ذاكرتنا وتصب الزيت على النار.. فتصنع من حقائبنا حقائب مهترئة رمادية المحتوى ضبابية القيمة.. لتتكدّس الحقائب وترهق الكاهل بالشعور المثقل بالألم.. فنلزم أنفسنا بحقائب الهم والغم..
ما الذي يجبرنا على حمل هذه الحقائب سوى أنفسنا؟!! ليتنا نتجاوز كل شيء ونخفف من هذه الحمولة إلى أن تتلاشى.. وأن نمشي بين الناس بدون تجهم أو غضب..
الآخرون ليسوا مسؤولين عما أصابك.. ومن حقهم عليك أن تقابلهم بوجه حسن.. وليسوا هم سبب تعاستك أو ألمك.. فاجعل صحبتك صحبة الفرحة والبهجة بك.. واجعلهم يترقبون حضورك بدل أن يتهربوا من تواجدك.
وخير من يفرغ حقيبته هو المتسامح والمتصالح مع نفسه ومن هم حوله.. ذلك يمشي بكل خفة ورشاقة بين الآخرين.. يتجاوز كل الصعوبات ويركض بسرعة نحو القمة.. تتلاشى عنده أي انقباضات وذبذبات مزعجة.. يرتأ بنفسه عن المنحدرات الضيقة.. يذهب لأبعد مدى ولأجمل منطقة.. دون حقيبة ثقيلة.. بعيداً عن كل ألم.. وأبعد ما يكون عن الهم.