كل ما يدعيه الإنسان مما ليس فيه، أو يتصنعه وليس من طبعه، فهو تكلف.
قال تعالى: قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ، أي لا أتكلف تخرصاً وافتراءً.
وروى البخاري عن عمر -رضي الله عنه- قال: نُهينا عن التكلف. قال الزمخشري: أي المتصنعين الذين يتحلون بما ليسوا من أهله، وما عرفتموني قط متصنعًا، ولا مدعيًا ما ليس عندي حتى أنتحل النبوة، وأدّعي القرآن. انتهى.
ومن صور التكلف: تكلف المرء ما لا يحسنه، وجوابه عما لا يحيط بعلمه من مسائل الشرع، ومن صور التكلف كذلك تكلف السؤال عما قد يعنت الإنسان، ويوقعه في الحرج.
قال الألوسي: وعلامة المتكلف -كما أخرجه البيهقي في شعب الإيمان عن ابن المنذر-ثلاث: أن ينازل من فوقه، ويتعاطى ما لا ينال، ويقول ما لا يعلم. وفي الصحيحين أن ابن مسعود قال: أيها الناس، من علم منكم علمًا فليقل به، ومن لم يعلم فليقل: الله تعالى أعلم. قال الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ .. انتهى.
قال ابن عاشور -رحمه الله-: وَعَطْفُ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ أَفَادَ انْتِفَاءَ جَمِيعِ التَّكَلُّفِ عَن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالتَّكَلُّفُ: مُعَالَجَةُ الْكُلْفَةِ، وَهِيَ مَا يَشُقُّ عَلَى الْمَرْءِ عَمَلُهُ، وَالْتِزَامُهُ؛ لِكَوْنِهِ يُحْرِجُهُ، أَوْ يَشُقُّ عَلَيْهِ، وَمَادَّةُ التَّفَعُّلِ تَدُلُّ عَلَى معالجة مَا لَيْسَ بِسَهْلٍ، فَالْمُتَكَلِّفُ هُوَ الَّذِي يَتَطَلَّبُ مَا لَيْسَ لَهُ، أَوْ يَدَّعِي عِلْمَ مَا لَا يَعْلَمُهُ. انتهى.
** **
د. محمد بن سعد العصيمي - كلية الشريعة - جامعة أم القرى - مكة المكرمة