فهد بن جليد
عندما تتحدث مع نفسك بصوت عال، فإنَّك تطرد الأفكار الزائدة عن الحاجة وتُبقي العقل ليتعامل مع تلك الأفكار التي يحتاجها فقط، والأفضل هنا أن تجد لك أذن صاغية تشاركها ما تُفكر به ويُحيِّرك عادة، كما أنَّ الرياضة والحركة والرقص تُساهم هي الأخرى في إفشال تسلّل بعض الأفكار السلبية والزائدة عن الحاجة إليك حال الفراغ والدعة، هذه نصائح للتخلص من سلبية التفكير المؤذية - إن جاز لنا التعبير - جميعنا في الغالب عانينا في مرحلة ما من عمرنا من (داء التفكير الزائد) خصوصاً قبيل اتخاذ قرارات هامة في حياتنا دون أدنى حاجة فعلية لذلك، هذا الأمر قد يبدو عليك من خلال تصرفاتك، سرحانك، أسئلتك، وأحياناً انعزالك وانكفائك بداعي المزيد من التأمل والتفكير والمُراجعة.
اتخاذ القرار المُناسب في الوقت المُناسب، بلا تردُّد أو حيرة، مَلَكة لا توجد عند كل الناس، ولكن يمكن تعلمها واكتسابها بالخبرة كأفضل الحلول وأنجعها، شريطة أن تتعود على دراسة خطواتك بشكل علمي وعملي ومنطقي، وتحديد أهدافك بوضوح وطرد السلبية والتردُّد والخوف والقلق، المسؤولة عن صُنع مُشكلة من لا مُشكلة، وإحداث (ضرر) أكبر من المخاوف أو الخسائر المُتوقعة في حياتك من اتخاذ القرار الذي تتأمله أو تفكر به أكثر ممَّا يجب - بفعل العوامل السابقة - وكمال قال الشاعر العربي إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة.. فإنَّ فساد الرأي أن تترددا، فالتفكير الزائد هو نتاج التردُّد وكثرة الآراء والمخاوف وعدم فهم الأهداف ونقص الخطط اللازمة لتحقيقها، بعكس العزيمة على الرأي الأفضل والتوكل نحوه في الوقت الأنسب، الذي سيجعلك تنجح أو على الأقل تتعامل مع حقائق ناتجة عن قرار اتخذته ورأي وعزيمة وانتهى الأمر، لا مع احتمالات مُتعدِّدة وخيارات واسعة تحتاج لمزيد من التأمل والمشورة المُستمرة (الدوامة) التي لن تنتهي.
الأمر لا علاقة له بالمنصب أو المستوى المعيشي أو التعليمي، إدمان التفكير الزائد في كل الأمور حالة نفسية مُزعجة نتعرض لها جميعاً في بعض الأوقات، فرضتها علينا تقاطعات الحياة وتعقيداتها، وأجبرتنا على التفكير والانشغال المُستمر بأبسط الأشياء وأتفه الأمور، لذا عليك التخلص من هذه الحالة وعدم الاستسلام لها، لأنَّها قد تُسبِّب لك حالة من القلق، الترقب، الخوف، الاكتئاب، الأرق مع دوامة من الأسئلة غير المُنتهية، والأهم دائماً معرفتك بأنَّ التفكير الزائد والتردُّد يتنافى مع إيقاع الحياة العصرية، ومُتطلبات النجاح، ممَّا يفوّت عليك الكثير من الفُرص التي قد لا تتكرَّر.
وعلى دروب الخير نلتقي.