فيصل خالد الخديدي
يسعى الفنان لأن يكون متجدداً ومبهراً فيما يقدم وهي حاجة طبيعية لإثبات ذاته واشتغاله على تفرد منجزه، وهو أمر مقلق لكثير من الفنانين ومحفز لهم في ذات الوقت، فالنسخ المكررة من الأعمال والأساليب التي تعج بها المعارض والمشاركات أصبحت محبطة للكثير سواء على مستوى التلقي أو الإنتاج، فالساحة التشكيلية لم تعد بحاجة لتكرار التجارب والأعمال واستنساخها ببلادة وضعف، والفكر الإنساني لم ينضب والجمال متجدد والإبداع مستمر ولكن كيف هي السبل لاستثارته ودعمه وإظهاره وسط ثورة النسخ المكررة والأعمال المستنسخة...؟؟
إن معرفة الفنان لنفسه واكتشاف إمكاناته الذاتية على مستوى السمات الشخصية والنفسية والقدرات الفنية هي أول طريق النجاح واستثارة طاقاته وإبداعاته، ويمكن للشخص أن يتعرف على ذاته وعلى الآخرين بعدة طرق وأساليب ومنها معرفته لمناطق أو نوافذ أربع في تعاملاته كما تراها نظرية جوهاري أو مايعرف (بنافذة جو هاري):
النافذة المفتوحة وهي ما يعرفه الإنسان عن نفسه ويعرفه الآخرون عنه وفي أتساع هذه النافذة يحصد الإنسان علاقات أكبر بالآخرين.
النافذة أو المنطقة العمياء وهي ما لا يعرفه الإنسان عن نفسه ويعرفه الآخرون عنه ونتيجة كبر مساحة هذه النافذة تقل علاقات الشخص مع الآخرين.
المنطقة العمياء أوالقناع وهي ما يعرفه الشخص عن نفسه ولا يعرفه الآخرون عنه وكلما كَبُرت مساحة هذه المنطقة فإن ذلك يدل على عدم تقبل النصيحة من الآخرين و بالتالي البعد عنهم.
المنطقة المجهولة وهي ما لا يعرفه الشخص عن نفسه ولا يعرفه الآخرون عنه وكلما كَبُر القسم المجهول كانت خبرات الشخص بذاته وبالعالم من حوله ضعيفة.
إن تطبيق نافذة جو هاري في اكتشاف الذات والتعامل مع الآخرين تساعد الفنان في التعرف على إمكاناته الحقيقية وتجعله أكثر قدرة في أن يتصالح مع ذاته ومع الآخرين ويستخرج مكامن التميز في قدراته وطاقاته الكامنة ويطلقها في أعماله ويوظفها بذكاء يصل بها وبه لحد الدهشة التي يتنقل فيها العقل والفكر من حالته الخام الخاملة إلى مرحلة متقدة تتحقق فيها الدهشة وتحضر في العمل... دهشة الفكرة... ودهشة التفاصيل... دهشة الفلسفة... دهشة التقنية... فحدود الدهشة لاحد لها.