أحمد بن عبدالرحمن الجبير
زيارة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة الأمريكية، جاءت في ظل مجموعة من التطورات والقراءات الدقيقة، فهي زيارة طويلة جداً، وتعكس حالة من الاستقرار السياسي والاقتصادي، حيث تزامن وهذه الزيارة زيارات متعددة لسمو وزير الداخلية الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف إلى دول آسيوية مهمة، أظهرت وجود نشاط دبلوماسي سياسي واقتصادي وأمني سعودي رفيع المستوى.
فالاستقبال الأمريكي الرسمي لسمو ولي العهد، ولقاؤه الرئيس الأمريكي ترامب يعكس قوة ومتانة العلاقة بين الرياض وواشنطن، وحجم التوافق والتفاهم السعودي الأمريكي سياسياً واقتصادياً، والذي سبقه سلسلة من الترتيبات، والتغييرات في الإدارة الأمريكية وهي الأقرب إلى توجهات المملكة من بعض القضايا الإقليمية، وتأثير السعودية، ووزنها العالمي.
فهذه الزيارة التاريخية تجسد رغبة سمو ولي العهد في الاطلاع على تجارب، ومشاريع الدول الصناعية الكبرى، وتفعيل الرؤية السعودية 2030م، وإنعاش الاقتصاد السعودي، حيث زار سموه العاصمة واشنطن، ونيويورك، ولوس أنجلوس، وسان فرانسيسكو، وعقد عدة لقاءات، وناقش العديد من الملفات الخليجية، والعربية والإقليمية والدولية.
وجاءت زيارة سموه لوادي السيليكون، الذي يعتبر من دعائم الاقتصاد الأمريكي، والعديد من شركات التقنية والتكنولوجيا والنقل والصناعة والطاقة، وإطلاعهم على رؤية السعودية 2030م من أجل حفزهم للاستثمار في المملكة، والاستفادة من خبراتهم، وتوفير الكثير من الفرص الوظيفية للمواطنين.
فسموه يقود حالياً أكبر عملية تغيير اقتصادي سعودي من خلال التحول الاقتصادي 2020م، والرؤية السعودية 2030م، والتي بدأت تؤتي ثمارها، كبديل عن الاقتصاد الريعي، وتنويع الاقتصاد وعدم الاعتماد على النفط، ومن المتوقع أن يكون صندوق الاستثمارات السعودي من أكثر الصناديق العالمية قدرة على تنويع الاستثمار، وتحقيق أرباح وموارد مالية كبيرة للمملكة وخاصة من الشركات الأمريكية العملاقة.
كما أن المملكة حليف تاريخي واقتصادي مهم لأمريكا منذ أيام الملك عبدالعزيز - طيّب الله ثراه - والرياض وواشنطن تعملان على تعزيز وتنمية الاقتصاد السعودي، وإدخال إصلاحات حقيقية تهدف إلى مكافحة الإرهاب والتطرف، والعمل جنباً إلى جنب لدعم أمن واستقرار الشرق الأوسط، ومساندة الاعتدال والتسامح الديني.
وهناك ملفات أخرى بحثها سمو ولي العهد خلال الزيارة، مثل التدخلات الإيرانية، والملف اليمني، والأزمة القطرية، والقضية الفلسطينية، وستواصل السعودية العمل مع شركائها لحل النزاع، ومعالجة النواحي الإنسانية مع الجميع من أجل شراكة مستدامة، ومواجهة التدخلات الإيرانية التي تفرضها طهران على المنطقة.
وأنني على يقين بأن هذه الزيارة تحمل الكثير من الإيجابيات لأجل بناء السعودية الحديثة كقوة سياسية، واقتصادية عالمية، وسمو ولي العهد قادر - بإذن الله - على نقل المملكة إلى مصاف الدول المتقدمة، ويُدرك سموه أن هذه المرحلة تحتاج إلى قرارات جريئة، وحاسمة وسيكتشف السعوديون ذات يوم أن هذا الأمير الطموح كان متقدمًا في فكره، وعلمه وحكمته، وفي غيرته على وطنه ومواطنيه.