ياسر صالح البهيجان
ثمة إحصائية رسمية تؤكد بأن 32 بالمائة من المناطق الطرفية بالمملكة لا تحظى بالخدمات الصحية المناسبة من حيث الإمكانات والكفاءات الطبية والمراكز المتخصصة وهي نسبة مرتفعة إذا ما علمنا بأنها في بريطانيا لا تتجاوز 2 بالمائة فقط.
وزارة الصحة ترى بأنه ليس لديها الإمكانات المالية والموارد البشرية التي تخولها التوسع في تلك المناطق وتوفير الرعاية الصحية الكاملة لسكانها، وهي بهذا التبرير ليست بدعة عن معظم الجهات المسؤولة عن القطاع الصحي بالعالم، ولكن الفرق هو أن الآخرين تبنوا فكرة العيادات المتنقلة كحل لتجاوز النفقات الباهظة المتطلبة لإنشاء مركز صحي دائم، والحق أنهم نجحوا في إيجاد مخرج لا بأس به لعلاج المرضى والارتقاء بجودة الخدمات الصحية والحد من الانتقال للمدن الكبرى لدواعي علاجية.
كما أن القطاعات الصحية المتطورة استطاعت أن تؤسس لشراكة استراتيجية بينها وبين الجامعات تكفل تأهيل أعداد أكبر من الأطباء والممرضين لسد النقص البشري، وهذا يدفعنا للتساؤل عن طبيعة العلاقة التي تربط وزارة الصحة بالمؤسسات التعليمية ومدى قدرة الأخيرة على التخلي عن سياسة تعقيد القبول في التخصصات الصحية وقلة المقاعد المتوفرة فيها، ما دام القطاع الصحي بحاجة ماسة لشباب مؤهل.
المناطق الطرفية لابد أن تحظى برعاية صحية مماثلة لما عليه المدن، لذا من الضروري توفير حوافز مغرية ليقبل الأطباء بالانتقال إليها، وتتحول إلى بيئة جاذبة للكفاءات الطبية.
ثم إن إشراك القطاع الخاص في تطوير المجال الصحي عن طريق برامج الخصخصة بات أمرًا ضروريًا لتخفيف الأعباء المالية عن الجهات الحكومية وضمان الارتقاء بجودة الخدمات وانتشار رقعتها الجغرافية شريطة أن يتزامن معها توسيع دائرة المشمولين بالتأمين الطبي لكيلا يتحمل المرضى تكاليف علاجية باهظة قد تحول بينهم وبين تلقي العلاج المناسب.
وقديمًا يُقال «الوقاية خير من العلاج»، ولعل هذه المقولة تلهم وزارة الصحة في التوسع بالبرامج التوعوية للحفاظ على الصحة في المناطق الطرفية، بعضها ينقصها الوعي الصحي في ظل انحصار البرامج في المدن الكبرى، وأجزم بأن رفع مستوى الوعي كفيل بإحداث أثر إيجابي من شأنه الحد من عدد المراجعين للعيادات الطبية.