علي الصراف
وحده آية الشيطان في قم الذي أصدر الأوامر لعملائه الحوثيين كي يطلقوا تلك الصواريخ على السعودية. ولكن الكل يعرف لماذا. فالأنظمة الفاشلة غالباً ما تتغذى على افتعال الأزمات من أجل أن تنجو. ومن أجل نقل أزماتها الداخلية إلى الخارج فإنها غالباً ما تبحث عن حرب مع أي أحد لكي تتخذ منها ذريعة لإجبار مواطنيها على تناسي مشكلاتهم مع نظامهم والتضحية بمطالبهم المشروعة، لمواجهة «العدو الخارجي».
السعودية ليست عدواً لإيران.. سوى أن إيران عدو لنفسها، وتبحث عمن يشاركها الهستيريا، ليخفف عنها وطأة اللطم ونكش الشعر وتقطيع الملابس. فهي بمشروعها الطائفي، رأت أن نفوذها الإقليمي يمكن أن يتحقق بحروب الدمار الشامل، والتهجير الشامل، والتمزيق الاجتماعي الشامل لإنتاج دول فاشلة مماثلة. ولكن، مثلما أن الدمار لا يورث أصحابه إلا دماراً، فقد نالت إيران نصيبها الوافي منه، حتى بدأت عملتها تنهار، ومصارفها تعلن الإفلاس، وفسادها يتفاقم، ومواردها تشح، وبنيتها التحتية تتداعى، وشعوبها تتظاهر مطالبة بالعدالة ولقمة العيش، دون طائل.
والإيرانيون إنما يتساءلون اليوم: ماذا جنينا من التدخلات في العراق وسوريا ولبنان واليمن إلا الخسران وتبديد الموارد؟
ولئن كان إعلام الولي السفيه يحاول أن ينسج أساطير عن نفوذ إقليمي لإيران، بل وعن انتصارات وهمية في سوريا وغيرها، إلا أن كل من يدقق في دفاتر الحساب، سيرى أن «انتصارات» التخريب المزعومة لا تعدو كونها واحدة من أكبر المهازل. ففي النهاية لم يكسب الإيرانيون أي شيء من المليار ونصف المليار دولار التي يدفعها نظامهم سنوياً لحزب الشيطان في لبنان. وهم لم يكسبوا شيئاً من المليارات الأخرى التي يتم انفاقها على مليشيات القتل والترويع في العراق وسوريا. وبزعم أن مؤسسة «الحرس الثوري»، والمؤسسات الإرهابية المماثلة، تحمي نظام الولي السفيه «بنقل المواجهة إلى أرض الآخرين»، فالحقيقة هي أن أكثر من نصف موارد إيران تذهب هباء في تلك المواجهة الفنتازية، والتي لم تثمر شيئاً أكثر من التخريب للجوار والكراهية المتزايدة لإيران نفسها.
الإيرانيون يشعرون أن نظامهم يغوص في حفرة كانت من صنع يديه، حتى لم يعد قادراً على الخروج منها. وهو كلما زاد فيها غطرسة وتطرفاً، كلما جعل الخروج منها مستحيلاً أكثر. وهم يرون أن اقتصاد بلادهم يتداعى، وأن نظامهم لا يملك حيال مطالب مواطنيه إلا أن يزداد شراسة ضدهم. فأعمال التصفيات داخل السجون أصبحت نهجا مكشوفاً. وسياسات الترهيب والقمع تبدو الوسيلة الوحيدة لتعامل النظام مع الشعوب التي تقع تحت سطوته.
وهذا أمرٌ ليس بعجيب.. فكل أنظمة الفشل السابقة وقعت فيه. والنهاية ظلت واحدة دائماً: السقوط. والسقوط غالباً ما يأتي مروعاً بقدر الترويع الذي دأب النظام على ممارسته.
يعرف الولي السفيه، وزبانيته، أنهم سائرون في هذا الطريق. وأن انهيار النظام في طهران سيأتي مدوياً أكثر بكثير مما يمكن لأي أحد أن يتخيل.. ولن تستغرب أن تتحول البلاد كلها إلى حمام دم في حرب تدور رحاها بين الجلادين (الذين لا مفر لهم من القتل إلا القتل) وضحاياهم (الذين لا مفر لهم من الظلم إلا القسوة).
ما هو الحل؟..
إطلاق الصواريخ على السعودية، بذلك الكم، وعلى ذلك النحو المنظم، كان بالأحرى قراراً اتخذه الولي السفيه، متوسلاً شيطانه، بأن يسفر الأمر عن حرب لعلها تجبر الإيرانيين على التعايش، ولو لمدة أطول، مع إفلاس وفشل نظامهم.
قال لشيطانه: كيف ننجو من هدير الملايين الذين نهبناهم وظلمناهم وأفقرناهم وقتلنا أبناءهم؟ فقال له الشيطان: ابتغ حرباً. ألم تفعلها من قبل عندما ظهر الفشل أول مرة؟.