د. محمد عبدالله الخازم
يمتاز أهالي المنطقة الشرقية وسمو أميرهم سعود بن نايف بالروية وأخبارهم تتسم بالرزانة والواقعية بعيداً عن التهويل الإعلامي المبالغ فيه. أو كما وصفهم أحد الإعلاميين الزملاء، متصالحين مع ذواتهم ويتقبلون الرأي برحابة صدر وتقدير، وهذا ما نأملة في هذا المقام. الشرقية تمتاز بكونها مجموعة مدن متقاربة فرغم حديثنا عن الخبر أو القطيف أو الدمام أو الظهران أو سيهات أو الجبيل وما حولها من مناطق الشرقية الحضرية كمدن، إلا أنها في الواقع تشكل نسيجاً متكاملاً بحكم تقاربها وتكاملها ما بين صناعية وريفية أو زراعية وساحلية وتعليمية وأثرية وسياحية تمدد كل منها بطريقة حتى يلتحم مع الآخر لتشكيل هوية المنطقة الشرقية.
هذا الأمر ساهم فيه الطرق السريعة التي ربطت تلك المدن قبل ثلاثة عقود وأكثر، لكننا لا نرى فعلاً تخطيطياً حديثاً يتجاوز ذلك، وتحديداً لم نر شبكة قطارات أو نقل عام (مترو) داخلي يربط بين تلك الحواضر ويقربها لبعضها البعض ولم نلحظ رؤية تبرز التكامل ولم نلحظ مشاريع عملاقة تسهم في جعلها وحدة واحدة وتستفيد من مساحتها وتنوعها بفك الاختناقات التي تتركز في الدمام أو الخبر. أهالي المنطقة يذهبون للدول المجاورة أو للرياض لأجل العلاج المتقدم والمؤتمرات والسياحة والترفية النوعي، بدلاً من أن تكون منطقتهم هي الجاذبة. باختصار لأن هناك بطئًا وجمودًا أحياناً في التطور والوقوف عند منجز تم سابقًا...
الشرقية يفترض أن تنافس جميع مدن الخليج المتكدسة والمكتظة في بقع محددة، لكنها لا تبادر بإبراز والاستفادة من إمكانياتها، فالناس تذهب إلى مدن مزدحمة لأجل مجمعاتها السياحية والترفيهية ورياضاتها المختلفة وحركتها الثقافية والإعلامية والتجارية. كل ذلك ممكن توفيره في المنطقة الشرقية التي تبدو راضية بالهدوء ولا تبادر؛ تفتقد مجمعات ترفيهية ضخمة (ملاهي) وتفتقد إبراز الرياضات والرحلات والنشاطات البحرية للهواة والمحترفين والعوائل والسياح وتفتقد النشاطات الثقافية والعلمية من مؤتمرات وملتقيات ضخمة تنافس بها الخليج المجاور وتفقتد الحركة الإعلامية المناسبة. بالتأكيد لست أنكر ما هو موجود وما هو منجز، لكن أسأل لماذا دبي أو المنامة أو أبوظبي ولدينا مكونات أساسية أفضل منها بكثير في المنطقة الشرقية؟
لماذا اكسبو ومعرض الطيران وجوائز الثقافة ومؤسسات الإعلام في مدينة خليجية وليس الشرقية؟ لماذا الأولمبياد الخليجي أو سباق السيارات أو السباقات البحرية في مدينة خليجية مجاورة وليس الشرقية؟ لماذا لا يكون هناك رؤية لاستقطاب رؤية الأموال والشركات الكبرى بدعم صناديق الاستثمار لتأسيس فنادق وقاعات معارض ومجمعات متميزة وفخمة؟ لماذا لا يكون لدينا مشروع ضخم بالشرقية لا يقل عن مشروع القدية بالمنطقة الوسطى أو مشروع البحر الأحمر المعلن عنهما؟ هل هو ضعف في تسخير الإمكانات؟ أم هو غياب للرؤية المستقبلية الطموحة للمنطقة الشرقية؟
سابك وأرامكو وثلاث جامعات متميزة وغيرها من الشركات والقطاعات، نريد رؤية جهودهم المجتمعة والمجتمعية، بدلاً من عيش كل منهم في عزلته وعالمه داخل المنطقة، نريد أن نراهم نسيجاً يسهم في تشكل المجتمع والانفتاح نحوه ونحو خدمته بشكل أكبر.