- في رثاء الفقيد الوالد معالي الشيخ / منصور بن حمد المالك (رحمه الله)
أَبَتَا وَكُلُّ مَوَاجِدِيْ وَرُؤَى السَّمَا
وقَفَتْ تُوَدِّعُ فِيْكَ شَيْخًا مُفْعَمَا
عِشْنَا بِحُضْنِكَ وَالْجَنَابِ أَمَاجِدًا
وَاللهُ يَبْعَثُ في الأَنَامِ أَكَارِمَا
كَانَتْ مَآثِرُكَ الْعِظَامُ مَفَاخِرًا
يَشْدُو الْجَلَالُ بِهَا شَجًى وَتَرَنُّمَا
لا يَعْرِفِ الأَقْوَامُ مِنْكَ سِوَى عُلًا
وَتَعَفُّفًا وَتَوَدُّدًا وَتَبَسُّمَا
وَتَحَمُّلًا وَتَجَلُّدًا وَتَرَفُّقًا
وَتَوَاصُلًا وَتَسَامُحًا وَتَفَهُّمَا
وَنَظَرْتَ في الدُّنْيَا بِعَيْنِ مُهَذَّبٍ
وَرَفَعْتَ وَجْهَكَ لِلسَّحَابِ تَعَظُّمَا
وَكَتَبْتَ فِي سِفْرِ الْخُلُوْدِ حِكَايَةً
مِنْ أَحْرُفٍ قَدْ أَلْهَمَتْ مَنْ أَلْهَمَا
يَا نَاصِرَ الْمَظْلُوْمِ يَا مَنْصُوْرَهُ
يَا مَنْ بَذَلْتَ النَّفْسَ طُرًّا وَالدَّمَا
عُذُرًا أَبِيْ إِنِّيْ بَكَيْتُ تَوَجُّعًا
وَأَبَتْ دُمُوْعُ الْعَيْنِ أَنْ تَتَكَتَّمَا
وَدَّعْتُ فِيْكَ حُشَاشَتِيْ وَمَحَبَّتِيْ
وَالْبَدْرَ وَالأَفْلَاْكَ تَحْدُو الأَنْجُمَا
وَصَبَرْتُ صَبْرَ مُؤَمِّلٍ مُتَيَقِّنٍ
أَنَّ الإِلَهَ هَوَ الَّذِي قَدْ أَنْعَمَا
فَدَعَوْتُهُ مُتَبَتِّلًا مُتَضَرِّعًا
وَدَعَوْتُهُ حَيْثُ الْفُؤَادُ تَحَطَّمَا
أَنْزِلْهُ فِي رَوْضِ الْجِنَانِ مُبَارَكًا
وَمُخَلَّدًا وَمُصَافَحًا وَمُسَلِّمَا
مِنْ حَوْضِ أَحْمَدَ سَلْسَلًا يُسْقَى بِهِ
يَا بَرْدَ مَنْ قَدْ ذَاقَهُ وَتَنَسَّمَا
يَا سَعْدَ مَنْ وَرَدَ الْحِيَاضَ مُلَبِّيًا
وَمُكَبِّرًا وَمُصَلِّيًا مُتَنَعِّمَا
تِلْكَ الدِّيَاْرُ نَعِيْمُهَا طُوْلَ الْمَدَى
مَا هَذِهِ الدُّنْيَا بَقَاءً دَائِمَا
أَبَتَا وَكُلُّ جَوَارِحِيْ تَتْرَا هُنَا
سَكَتَ الِّلسَانُ وَكَيْفَ أَنْ يَتَكَلَّمَا
مَنْ لَاعِجٍ أَضْنَى الْفُؤَادَ أَنِيْنُهُ
هَدَمَ الْقُلُوْبَ وَحُقَّ أَنْ تَتَهَدَّمَا
أَلْبَسْتُهُ كَفَنَ الْوَفَاةِ مُقَبِّلًا
مُتَقَدِّمًا مُتَرَاجِعًا مُتَقَدِّمَا
إِذْ عَانَقَتْ قُبَلُ الْوَدَاعِ جَبِيْنَهُ
فَمُغَسِّلًا وَمُحَنِّطًا وَمُحَمِّمَا
فِي ذِمَّةٍ عِنْدَ الإِلَهِ وَدِيْعَةً
وَاللهُ خَيْرٌ حَافِظًا مُتَرَحِّمَا
جَاءَتْ تُعَزِّيْ فِيْهِ كُلُّ أَرُوْمَةٍ
شَهِدَتْ لَهُ بِالْفَضْلِ حِيْنَ تَوَسَّمَا
النَّاسُ في الدُّنْيَا شُهُوْدُ خِصَالِهِ
أَنْعِمْ بِمَشْهُوْدٍ وَقَدْ خَدَمَ الْحِمَى
لَمْ يُثْنِهِ طُوْلُ الَّلَيَالِيْ وَالْمَدَى
كَالْبَدْرِ يَمْشِيْ في الدُّجَى إِنْ أَظْلَمَا
شَمْسٌ تُنِيْرُ الدَّرْبَ فِي ظُلُمَاتِهِ
فَلَكٌ تَجَلَّى سَارَ لِلْعَلْيَا سَمَا
أُمَّاهُ تَعْزِيَةٌ وَحُسْنُ نِهَايَةٍ
وَلَقَدْ رَأَيْتِ صَلَابَةً وَتَجَشُّمَا
عَلَّمْتِنَا أَنَّ الْحَياةَ عِبَادَةٌ
عَطِّرْ بِذِكْرِ اللهِ قَلْبَكَ وَالْفَمَا
أَبَتَا دَعُوْتُكَ في الصَّبَاحِ وَفي الْمَسَا
وَشَكُوْتُ فَقْدَكَ عَبْرَةً وَتَحَمْحُمَا
وَعَلِيْكَ مِنْ طِيْبِ الْجِنَانِ غَمَامَةٌ
تَسْقِيْ عُيُوْنَكَ وَدْقَهَا وَالزَّمْزَمَا
إِنْ غِبْتَ عَنَّا فَالطَّرٍيْقُ بَقِيَّةٌ
وَمَسِيْرَةُ الأَجْيَالِ تَحْدُو الأَقْدَمَا
وَلَنَا مِنَ الرَّحْمَنِ أَجْرٌ ثَابِتٌ
نَحْيَا بِهِ سَعْدًا وَنَلْقَى مَغْنَمَا
أَيْقَنْتُ أَنَّ رَوَاحِلِيْ تَمْضِيْ هُدًى
إِذْ آمَنَتْ أَنَّ الإِلَهَ مُتَمِّمَا
فَالْمَوْتُ مَوْلِدُ كُلِّ نَفْسٍ حُرَّةٍ
تَأْبَى على أَيَّامِهَا أَنْ تَهْرَمَا
شعر: عبد الإله المالك