د. جاسر الحربش
في حلقة اليوم أحاول من الذاكرة استحضار أهم النقاط التي حاولت المجموعة السعودية إيضاحها للوفد الإعلامي الزائر من الجزائر الشقيقة، أما النقاط التي ناقشها معنا الطرف الجزائري فأتركها لقراءة أتوقع صدورها من الإعلام الجزائري نفسه بعد عودته بالسلامة إلى الجزائر. عموما ً كان الانطباع العام أن كل أعضاء الوفد الجزائري يجمعهم هدف تقديم صورة وطنية جامعة عن بلدهم رغم الانتماءات السياسية المختلفة.
إليكم أهم نقاط الحوار كما طرحتها وجهة النظر السعودية:
1- النقص المعرفي عند كل طرف عن الطرف الآخر، وقد اتفق الجميع على أن في المسألة إرثا قديما ما زال مستمرا ً منذ كانت صحراء الجزيرة العربية عبر التاريخ الإسلامي فقيرة معزولة تعاني من الإهمال والنسيان، وكان التواصل والاهتمام في العالم العربي والإسلامي يتركز على مصر والشام والعراق والمغرب العربي، وأن هذا الوضع يجب أن يصحح باتفاق الطرفين.
2- علاقة السعودية مع الغرب، تم التأكيد والتفاهم المتبادل على أن هذه المسألة يشوبها الكثير من التشويه الإعلامي المتعمد من قبل دول وتيارات معادية لكل العرب ومعروفة للجميع. أكدنا للإخوة الجزائريين أن السعودية في علاقاتها الدولية تقول ما تفعل وتفعل ما تقول وليس لديها ما تخفيه، وأن أهدافها محددة في التعاون التقني والعلمي والتحديثي والإستراتيجي، بناء ً على استحالة استغناء أي دولة نامية عن التعاون والتحالف مع دولة قوية متطورة. بما أن السعودية لها علاقات قديمة وعميقة مع الولايات المتحدة الأمريكية ونظرا ً لأن أمريكا لها السبق العالمي في كل مجالات التطور، فإن السعودية تفضل استمرار وتوسيع العلاقة السعودية الأمريكية، لأن التعاون معها أنفع وأضمن من التعاون مع غيرها، علما ً أن كل دول العالم دون استثناء تتنافس علنا ً وسرا ً على علاقات حسنة مع الولايات المتحدة الأمريكية، فلماذا يؤخذ ذلك على السعودية في الإعلام المعادي؟.
3- استكمالا ً للنقطة السابقة تم استعراض ما يعرفه الطرف السعودي من الأمور المسكوت عنها في العلاقات الجزائرية الأمريكية. نظرا ً لأن العديد من الدول العربية وغير العربية تفعل غير ما تقول وتقول غير ما تفعل تم التأكيد على وجود علاقات استخبارية وعسكرية ميدانية بين الجزائر والولايات المتحدة الأمريكية في مالي والنيجر والجنوب الليبي منذ عام 2015م. الرئيس ترامب صرح عام 2017م بأن الجزائر حليف إستراتيجي لأمريكا، علاوة على أن الجزائر في عام 2005م، أي بعد عامين من الغزو الأمريكي للعراق استقبلت وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد الذي لم تستقبله السعودية كتعبير عن الرفض لغزو وتدمير العراق، وأن الاستثمارات الأمريكية في الجزائر بلغت حوالي ستة مليارات دولار أمريكي عام 2016م، وأنه يمكن للإخوة في الوفد الجزائري التأكد من ذلك من مراكز المعلومات السياسية والاقتصادية.
4- القضية الفلسطينية: كانت المحور التالي وكان من الواضح الحساسية الجزائرية في هذه الجزئية وما يدور حولها من لغط التطبيع وتهويد القدس ومحاولات الدس الإيراني لفبركة أخبار كاذبة. دون الحاجة إلى ملاحقة الأكاذيب بالتفنيد أجابت المجموعة السعودية بتوجيه ثلاثة أسئلة إلى الوفد الجزائري: من الذي طبع وجاهر بالتطبيع حتى الآن، ومن الذي طبع وأنكر رغم الزيارات المتبادلة بين بلده وإسرائيل، وهل السعودية بين هؤلاء وهل وردت أصلا ً مفردة التطبيع في أي تصريح سياسي أو إعلامي من السعودية؟. وأخيرا ً من الذي ساند الفلسطينيين ودعمهم ليس بالكلام والتصريحات وإنما في المواقف الدولية وبالأموال والأغذية والأدوية دون انقطاع، أليست هي السعودية وباعتراف السلطات الفلسطينية.
الحلقة القادمة والأخيرة تستكمل نقاط الحوار عن غزو العراق والمقاطعة الخليجية لقطر والعلاقات الخليجية الإيرانية، وعن أهم المحاور على الإطلاق وهي حملة دول التحالف لإبطال التمدد الإيراني الحوثي في اليمن واستعادة الشرعية وعودة اليمن إلى الصف العربي.