سمر المقرن
يمتلك الكلب أجمل الصفات، التي لو ملكها البشر لعشنا حياة مختلفة من الصفاء والنقاء والإنسانية، فمن يتتبع صفات الكلب ويطبقها على البشر فإننا سوف ننزح نحو المثالية التي لا تختلف عن تلك التي أتت في خيال الفلاسفة. ومن هنا أستغرب استخدام لفظ «كلب» على الشخص المسيء، ووصف صوت الكلب بأصوات بعض البشر التي أخلاقها لا تمتثل إلى الحد الأدنى من المعايير الأخلاقية. أعتقد أن إطلاق وصف «كلب» على مثل هؤلاء في ظلم كبير للكلب صاحب صفة الوفاء الشهيرة، بل وغيرها من الصفات المثالية التي لو كانت على هذه الفئة المحسوبة على البشر لارتقت أخلاقهم ولم نرَ مثل هذه السلوكيات السلبية التي تقوم بها هذه الفئة.
أتذكر قبل سنوات كانت لدي اهتمامات في قراءة الصفات الحيوانية، وتشابه الإنسان مع بعض هذه الصفات، وأنا أؤمن تماماً بحقيقة مثل هذه الأقاويل إذا ما نظرنا إلى بعض الصفات المتشابهة، لكنها لا تتشابه مع الإنسان بشكل عام، إنما كل إنسان بصفاته وسلوكياته المختلفة لديه جزء في شخصيته يتشابه مع صفات أحد أنواع الحيوانات، ولعل الكلب لديه أروع الصفات التي تميزه عن غيره من الحيوانات، وتشبيه الناس المسيئة بالكلاب فيه ظلم كبير لهذا الحيوان النبيل. ومع اختلاف الثقافات في نظرتها للحيوانات، إلا أن معظم الثقافات تكاد تكون لديها نظرة واحدة للكلب وشهرته بالوفاء، فمثلاً البومة عند العرب يُنظر لها كرمز للتشاؤم، ولعل هذه النظرة قد وصلتنا من الفراعنة عندما كانت رفيقة أحدهم وقريبة منه، ثم فقأت عينه فتحولت المحبة لها إلى كراهية، بينما البومة ما زالت لدى اليونانيين وبعض الدول الأوروبية هي رمز الحكمة، من هنا تختلف النظرة حسب الثقافة ولها كذلك امتداد تاريخي يعطينا دلالات لاختلاف هذه الرؤى.
أما إذا نظرنا إلى الكلب، فهو من أيام الأساطير إلى اليوم وهو رمز الوفاء، كما أن فيه صفات جعلت الإنسان قريباً منه، كما نرى أن أغلب الناس في أوروبا وأمريكا لا تستطيع أن تعيش بدون الكلب في منزلها، ولم يقترن الناس بهذا الكائن عبثاً، بل لأنه يمتلك أجمل الصفات النبيلة والرائعة، لذا أرى من الظلم للكلب تشبيه الخونة والمسيئين به.. فمن فضلكم، لا تظلموا الكلب!