غسان محمد علوان
توالت التغييرات في أنظمة الدوري السعودي لكرة القدم بتسارع كبير، أوقعه في مرحلة التسرع. ودائماً ما تكون حلولنا وقتية لحل المشكلات، ولا تكون موجهة لصلب المشكلة، بل نحاول أن نصدر قرارات مفاجئة في جهة أخرى على أمل أن ينتج منها تعديل للأوضاع في الجهة المقابلة.
قرار زيادة اللاعبين الأجانب إلى ثمانية لاعبين وتسجيل لاعب من مواليد المملكة، ترك خانتين فقط للاعب السعودي في كل نادٍ. كان العذر الأكبر والسبب الأهم هو ارتفاع عقود ومرتبات اللاعب السعودي. وهذه حقيقة لا جدال فيها، ولكن هل الرقم الذي يتقاضاه اللاعب هو المشكلة، أم أن النتائج المترتبة على تلك الأرقام هي المشكلة؟ فالأندية التي تتعاقد مع هؤلاء اللاعبين بتلك المبالغ الباهظة برغم عدم قدرتها على الإيفاء بالتزاماتها هي المشكلة الحقيقية، وليس ارتفاع عقد اللاعب.
فلنفترض جدلاً أن نادياً يمتلك ثلاثين لاعباً سعودياً، وكل لاعب فيهم يتقاضى أجراً شهرياً بقيمة 10 آلاف ريال فقط، مما يعني أن النادي ملتزم بدفع مرتبات للاعبين سنوياً ما مجموعه (ثلاثة ملايين وستمائة ألف ريال)، ولكن مداخيل النادي لا تتجاوز مليوني ريال!! فهل حلّت المشكلة؟ وفي المقابل قد يوجد نادٍ آخر، تبلغ مرتبات لاعبيه 100 مليون ريال سنوياً، ولكن مداخيله تصل إلى 150 مليون ريال سنوياً، فهل يعد هذا النادي مخطئاً أم مصيباً. نعيد ونكرر أن الرقم بحد ذاته ليس هو المشكلة، بل القدرة على دفع هذا المبلغ هو كل القضية. وهذه القضية لن تحلها التجاوزات، وتأجيل الديون، وجدولة المستحقات، وتسجيل لاعبين جدد خارج إطار ميزانية الأندية. كل هذه الأمور تعد مباركة للعبث المادي التي تقوم به إدارات أندية تبحث عن انتصارات وقتية تسجل باسمها ثم ترحل تاركة النادي يغرق في ديونه وجدولتها، بمباركة من الاتحاد السعودي لكرة القدم ولجنة الاحتراف واللجان القضائية بشكل خاص.
وعودة لمؤشرات انقراض اللاعب السعودي في ملاعبنا، والتي سيكون لها تأثير مباشر على منتخبنا، الذي لن يستطيع تشكيل معسكر للمنتخب إذا لم يستطع مدربه رؤية أكثر من لاعبين في كل فريق، مستمرين في المنافسات واللعب بشكل دائم.
زاد على ذلك إلغاء الدوري الأولمبي بالمزامنة مع زيادة عدد اللاعبين الأجانب، وقد كنا قد طالبنا بإلغاء الدوري الأولمبي سابقاً لكي تجبر الأندية على تصعيد لاعبيها أو إعارتهم أو بيع عقودهم لأندية أخرى لكي يدخلوا معترك المنافسات مبكراً، ويتم اكتشاف المواهب فيما بينهم في سن صغيرة.
فما الذي حدث الآن؟ اختفت الفئة الأولمبية، ولن تستطيع منافسة اللاعبين الكبار (نسبياً) على المركزين المتاحين في أنديتهم. ولن يجدوا في ذات الوقت فرصة للعب في أندية الوسط أو مؤخرة الترتيب لذات السبب أيضاً. فأين سيذهبون؟ وهل مقترح الدوري الرديف سيكون حلاً وهو الذي سيكتظ بلاعبي الأندية الكبار (فوق 25 سنة) والذين لم يجدوا لهم مكاناً في الفريق الأول وما زالت عقودهم سارية؟ جميلٌ هو التغيير، والأجمل أن يكون نتيجة لدراسة مستفيضة تحوي كل جوانب وتأثيرات القرار، بدلاً من التحديق المتواصل في نقطة واحدة دون غيرها.
نريد دورياً قوياً في المنافسة والمستويات، ولكن لا نريده دورياً غريباً لا ننتمي له سوى بالأسماء، ولا يشابهنا على الإطلاق.