عندما يمتلك المرء البصيرة وفهمًا وإدراكًا لدوافعه ورغباته لكي يحقق نقاط ضعفه وقوته مع قدرة على تقويم سلوكه تقويماً سليماً إلى جانب الإحساس والاحترام والشعور بالطمأنينة على إيجاد علاقات وصداقات طيبة مستديمة تمتاز بمواجهة مصاعب الحياة ومجابهة الحقائق بصورة عقلية وموضوعية وواقعية مع حسن التعامل مع الآخرين بالفهم والحوار والحكمة والموعظة الحسنة واضعاً أمامه أن الخلاف في الرأي والفكر مع الأطراف لا يفسد للود وللأخوة قضية - حيث إن القدرة على السيطرة وعلى نتائج السلوك الفاشل وخيبة الأمل مع مظاهر الإحباط في مواقف الحياة التي تجابهه، فالحياة بشكل عام ليست كلها أياماً يسيره بل إنها قسمة بين اليسر والصعب وبين الحلو والمر تجاه الظروف الحياتية، فعلى المرء أن يكون ناضجاً عاطفياً مسيطراً على شعوره ومشاعره، قادراً على التعبير الواضح عن مشاعره وعن انفعالاته بصورة يوافق عليها أطياف المجتمع، فلا ينهار أو يتفكك نتيجة مخاوف أو هموم أو أحزان أو غضب، والحياة في مجملها أخذ وعطاء وفشل ونجاح وربح وخسارة، فعلى المرء أن يمارس عادات صحية سليمة سواء في سلوكه أو طعامه أو شرابه أو نومه أو راحته أو شغل أوقات فراغه حتى يحيا حياة متوازنة بين العمل والجد والراحة والمتعة والفسحة والهواية - مع اتخاذ قراراته بنفسه المناسبة منها بالأسلوب المناسب، فعلى الإنسان أن يحب عمله الذي يؤديه فمن يحب عمله يحقق ذاته، والعمل دائماً شرف وكرامة وواجب وحق، وليس العمل بشكله أو نوعه أو حجمه المهم أن يكون هذا العمل شريفاً ويغني عن ذل السؤال.
وعند ذلك تبدأ عمليات إحداث التكيف أو التوافق النفسي عند الفرد منذ الصغر، إذ تحتوي هذه العمليات على تأثير العوامل الوراثية والعوامل الطبيعية والفيزيائية إلى جانب العوامل الاجتماعية، ومن خلال هذه العوامل يكون لدينا جيل متوافق اجتماعياً ونفسياً، جيل بعيد كل البعد عن السلبيات كافة، جيل فاعل ومشارك في العمل والإنتاج معاً.