محمد آل الشيخ
أعلن القطريون -(ولأول مرة) - عن قائمة للإرهاب شملت أشخاصاً إرهابيين، وكيانات إرهابية، كانت الدوحة تُغدق عليهم الأموال، وتزودهم بالجوازات القطرية لتسهيل تنقلاتهم حين يكلفون بإشعال الحرائق هنا وهناك كما يقول تاريخهم مع ما سُمي (الربيع العربي).
القائمة فاجأت الكثيرين، بمن فيهم أهل قطر أنفسهم، فقد احتوت على أسماء وكيانات كانت تعمل، وتمول من الحكومة القطرية، الأمر الذي جعل أهل قطر يشعرون كما لم يشعروا من قبل أن عجلة التنازلات والتراجع عن المكابرة بدأت في الدوران، وأن هذا التنازل كان بمثابة أول الغيث الذي سينهمر لاحقاً.
أغلب الظن أن إصدار قطر لهذه القائمة كانت موجهة للولايات المتحدة التي سيزورها تميم أمير قطر في أبريل المقبل، فأراد تنظيم الحمدين أن تكون بمثابة حسن نية، عسى ولعل أن تساعدهم أمريكا في الخروج من العزلة الخانقة التي استنزفتهم على جميع المستويات، وخاصة على المستوى الاقتصادي، خلال التسعة أشهر الماضية، وكان حكام قطر يصرون أن مردودهم من (آبارهم الغازية) أكبر من أن تضطرهم للخضوع، كما يحاولون أن يروجوا في وسائل إعلامهم.
حكام القطر على ما يظهر ابتدؤوا يستوعبون أن المنطقة، ومجريات الرياح فيها تغيرت توجهاتها وكذلك سرعاتها، وأن دولتهم تواجه - فعلا - تحالفا رباعيا متماسكا يملك من القوة والنفوذ والعلاقات الدولية ما يجعل الصراع معهم صراعا خاسرا منذ البداية، وأمريكا التي يعولون عليها كثيرا لا تستطيع، حتى وإن أرادت، أن تفرض على جميع الدول الاربع أن يتخذوا موقفا متصالحا معها الا اذا كان ثمة ثمن يتمثل في موقف جديد يختلف عن مواقفهم ومشاغباتهم السابقة، مثل طرد جماعة الإخوان، وإعادة كوادرها المطلوبة إلى مصر، أضف إلى ذلك أن كل المؤشرات تؤكد ضلوع قطر (الرسمية)، إما بشكل مباشر أو غير مباشر في قضايا تعتبر إرهابية، وتبنّي أسماء عليها إثباتات موثقة بضلوعها في الإرهاب ما يجعل الدفاع عنها مثل ان تدافع عن إبليس، وأقرب مثل لما أقول : الإرهابي يوسف القرضاوي مفتي الانتحاريين كما اشتهر عنه.
نحن ومن منطلق مصلحة مجلس التعاون بودنا أن تعود قطر إلى رشدها، وتهتم بمشاريعها التنموية، وتترك عنها مقامراتها التي جعلتها في نهاية المطاف في هذا الموقف المهزوم البائس، لأن كل الدلائل والشواهد تؤكد أن خروجها من مأزقها الذي وضعت نفسها وشعبها فيه لا حل له إلا التعامل مع حجمها الجيوسياسي بعقلانية، وأن تترك عنها الأحلام الطموحة المجنونة التي راودت شيخها الأمير الأب ذات يوم، وكانت هي السبب الرئيس الذي جعل أربع دول مجتمعة تقطع كل علاقاتها مع قطر، المكابرة وعدم الرضوخ للواقع هي من أهم العيوب التي تصيب كثيراً من زعماء الدول الذين لفظهم التاريخ، وأشهرهم، وليس الوحيد بالطبع، كان معمر القذافي، حيث يؤكد كثيرون أن ثمة صفات مشتركة تجمع بين القذافي وحمد بن خليفة، أهمها المكابرة وتحدي الواقع وسيطرة الأحلام على تصرفاته السياسية، رغم أنه ولظروف موضوعية، أضعف بكثير من أن يحقق ما يكتنف تفكيره من طموحات مجنونة.
حمد بن خليفة كانت لديه فرصة ذهبية، بعد أن تسامحنا معه في حديثه الذي اعترف به بالتآمر على المملكة، غير أنه قرأ ذلك التسامح قراءة خاطئة، واستمر في التآمر، فكانت هذه المقاطعة التي لا أظن أنها سترفع عنه إلا بتنازلات قاسية، ستجعل قطر قطعاً أضعف من الصومال.
إلى اللقاء