ناصر الصِرامي
رغم خروج زوكربيرغ عن صمته بعد تداعيات فضيحة تسريب الموقع الشهير بيانات مستخدميه لصالح شركة أبحاث، وقول مؤسس التطبيق الأشهر عالميًّا إنه يتحمل مسؤولية اختراق بيانات المستخدمين، وقيامه بكل ما يلزم لتجنب مثل هذه الأخطاء في المستقبل، وحماية المستخدم، بما في ذلك التحقُّق من جميع التطبيقات المتصلة مع فيسبوك، والمطالبة بمراجعة حسابات أي تطبيق، وإن كان لها صلة بالحادثة، مؤكدًا أنه سيتم تقييد وصول مطوري التطبيقات لبيانات المستخدمين لمنع حوادث من هذا النوع في المستقبل.. لكن ذلك لم يوقف تنامي حركة «حذف فيسبوك» على نحو مطرد على الإنترنت؛ وفقدت الشبكة الشهيرة أكثر من 50 مليار دولار من قيمتها السوقية خلال هذا الأسبوع، نقلاً عن «سي إن إن» الأمريكية.
لكن هذه ليست آخر الخسائر، بل يمكن تعويضها؛ فقد أشار استطلاع دولي إلى أن 60 % من مستخدمي الفيسبوك لا يعرفون عن القصة، ونسبة مماثلة غير مهتمين بالقصة رغم معرفتهم بها..
آخر الأسبوع الماضي انتهت القمة العالمية لمجتمع المعلومات، وقد ظهر فيها بشكل واضح رغبة الحكومات في السيطرة على تدفق المعلومات، وهو ما يتعارض مع أجندة أهداف التنمية المستدامة 2030، لكن ذلك لا يبدو مهمًّا؛ فقضية الفيسبوك حركت الرغبات الكامنة لدى حكومات العالم، بما فيها الأعضاء الكبار في الأمم المتحدة كالصين وروسيا، كما أمريكا وأوروبا. ومن الواضح أن الحكومات العالمية ستقتنص هذه الفرصة لإحكام قبضتها على التطبيقات أو كبحها.
وأمامنا دعوات جديدة بتطبيق قواعد تنظيمية من داخل الكونغرس الأمريكي، وحماية البيانات الشخصية للمستخدمين. وقالت السيناتور الديمقراطية إيمي كلوبوهار في تغريدة على تويتر: «من الواضح أن تلك المنصات لا يمكنها ضبط نفسها».
وفيما لا يزال مؤسس موقع فيسبوك مارك زوكربيرغ ورفاقه يحاولون احتواء الفضيحة الناجمة عن تسريب بيانات 50 مليون مستخدم اتسعت نطاق التحقيقات إلى أوروبا، وطلب مجلس العموم البريطاني مثول زوكربيرغ أمامه، وطلبت وزيرة العدل الألمانية كاتارينا بارلي التحدث إلى المديرين التنفيذيين في فيسبوك لمعرفة ما إذا كان مستخدمو الموقع في بلادها - وعددهم 30 مليونًا - قد تأثروا بما وصفته بـ»فضيحة» استغلال البيانات الشخصية للمستخدمين!
ودعت إلى تنظيم حماية البيانات على مستوى أوروبا، وليس من جانب الحكومات الوطنية، كلٌّ على حدة.
مؤسس الفيسبوك بنفسه لم يعترض على مقابلة مع شبكة السي إن إن الإخبارية أو على الحديث إلى المشرعين الأمريكيين, ولم يعترض على احتمال إيجاد قوانين تحكم وتضبط أداء شبكات التواصل الاجتماعي، وتحمي المستخدمين المواطنين.
وتتحدث الدول عن معلومات وخصوصيات مواطنيها، وضرورة تدخلها في ذلك، وفتح آفاق «تعاون» وتبادل معلوماتي مع هذه التطبيقات.
نحن الآن أمام معركة مثيرة، قد تنتصر فيها الحكومات على التطبيقات.. قبل أن نصل إلى مرحلة جديدة.. مرحلة نكتشف فيها ما بعد عصر التطبيقات.. وما هو التالي لها.. الذي يواجه محاولة التحكم أو الإمساك بها من قِبل دول وحكومات مهتمة برعاية مصالحها، وإحكام قبضتها على تدفق وتوزيع المعلومات ووسائل الاتصالات والتواصل إجمالاً..!