فهد بن جليد
أثمن نصيحة يمكن أن يقدمها باحث عن عمل لعاطل (اعتبر البحث عملاً بحد ذاته)، بمعنى: اجعل من رحلة البحث عن عمل التزامًا وظيفيًّا يوميًّا، تقوم بتأديته بالوجه المطلوب بالجدية اللازمة، بإصرار وصبر توسع من خلالهما دائرة علاقاتك ومعارفك بزيارة الشركات والمؤسسات؛ لتختلط بالناس بدلاً من حالة الجمود والانعزال غير المبررة التي ينتهجها البعض، وتخلفها البطالة عادة. والهدف أن تزيد من خبراتك واطلاعك وفهمك لما يجري في الأروقة؛ حتى تتمكن من اغتنام الفرص الجيدة، وتكون مؤهلاً ومستعدًا لها أكثر من غيرك.
لا أجد اليوم مبررًا لعاطل يلعن الظلام وهو ينظر إلى شهادته ومؤهله، ويتحسر عليها في انتظار قدوم الفرصة المناسبة إليه بدلاً من التفتيش والبحث عنها -وفق النصيحة أعلاه-. ولعلي أزيد عليها هنا بأن التكيُّف مع تلك الفرص المتنوعة التي خلقتها ووفرتها حركة توطين الوظائف الحالية في العديد من القطاعات، التي تقودها وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بكل اقتدار، خير تطبيق عملي، يوفر الوقت والجهد، ويحسِّن من الوضع والتدرج الوظيفي مع تقديم دخل مقبول طوال رحلة البحث عن فرص أفضل كحق أصيل. وللأسف، إن من ينفر من تلك الفرص بحجة أنها أقل من طموحه أو مؤهلاته يفوِّت على نفسه خبرات وفوائد جمة في طريق رحلته للحصول على الوظيفة الحلم والطموح؛ فلربما كانت تلك الوظيفة البسيطة هي المفتاح والسر خلف الفوز بالفرصة الأفضل، من خلال توفير عشرات الخطوات لتحقيق الأهداف والطموحات والأحلام.. ولنا في قصص وسير الناجحين والعظماء من الوزراء ورجال الأعمال والبارزين في المجتمع السعودي خير مثال، عندما قَبِلوا في مرحلة ما بوظائف أقل من مؤهلاتهم وإمكاناتهم وطموحاتهم لسبب أو لآخر، ولكنهم يحتفظون بها اليوم، ويرونها كمحطات مشرفة في حياتهم، تزيد من تألقهم واحترام الآخرين لهم ولعصاميتهم؛ لذا اجعل من واقعك المعاش اليوم والصعوبات التي تواجهها خير قصة تستحق أن تُروى عنك في المستقبل.
المحبطون والمتخاذلون وحدهم يعتقدون أن تلك القصص الملهمة مجرد (ضربة حظ)، صنعت من هؤلاء عظماء وأساطير تُروى؛ لذا ينتظرون قدوم الحظ المماثل الذي قد يتأخر عليهم كثيرًا.. ولكن المتوكلين على الله يسعون لتغيير واقعهم بالتكيف مع الظروف للتغلب عليها، ولو باعتبارهم رحلة البحث عن عمل (عملاً) بحد ذاتها.. وهنا يكمن الفرق؛ لنشعر بأن من بيننا (عصاميين جُددًا).
وعلى دروب الخير نلتقي.