د. جاسر الحربش
اليمن أصل العرب لغة وحضارة، والجزائر رمز عربي وعالمي في الكفاح المجيد للاحتفاظ بالهوية الوطنية، والمملكة العربية السعودية قلب وروح الناطقين باللغة العربية وبها قبلة مليار ونصف مسلم.
بناء على هذه الحقائق يصعب على المواطن ذي الهوية العربية تخيل أن تصبح اليمن من ملحقات ولاية الفقيه الفارسية إكراهاً وانصياعاً لإرهاب مذهبي هامشي وطارئ على عروبة اليمن ومذاهبه الأصلية، كما يصعب عليه تخيل اصطفاف ولو جزء من الجزائر المتجذرة في الوجدان العربي إلى جانب إيران أو إلى جانب نظام طائفي يدعي العروبة وهو تابع لولاية الفقيه في سوريا العربية الأموية أو العراق، أو أن تصدق الجزائر ادعاءات عن الممانعة والمقاومة من حزب باطني طائفي تجاهر أدبياته بتلقي التمويل والتوجيه من طهران لقتل وتشريد الملايين من المواطنين السوريين.
كل ما سبق أعلاه من فرضيات أو تخيلات استطاعت تبديده جلسة واحدة لساعتين مع وفد إعلامي جزائري مساء يوم الأربعاء الرابع من رجب 1439هـ الموافق 21-3-2018م في مبنى هيئة الصحفيين السعوديين في الرياض.
ضم الوفد الإعلامي الجزائري سيدتين وأحد عشر رجلاً من مختلف الجامعات والمراكز والمؤسسات الإعلامية الخاصة والرسمية وحوارات الرأي المستقلة، تناقشوا لساعتين تقريباً مع حوالي عشرين من زميلاتهم وزملائهم السعوديين العاملين في نفس المجالات.
تهيب البدايات المبني على الأحكام المسبقة تبدد سريعاً مع تبادل تحيات اللقاء والتعارف بلغة عربية صافية نقية، وأصدقكم القول لقد كنت واحد من المتأهبين المتحسبين لحوار عنيف مع متناقضين ينظرون لقضايانا السعودية والخليجية من زاوية مختلفة، ولكن سرعان ما اكتشفت أن الأمر ليس كذلك.
ترأس الوفد الجزائري الأستاذ المحترم الدكتور محمد لعقاب من جامعة الجزائر، وهو محاضر في كلية علوم الإعلام والإتصال وصاحب نشاط إضافي مستقل في الكتابة الصحفية والتحليل السياسي والحوارات الفضائية، وكان خير من يمثل الجزائر إعلامياً لغة وعلماً وعروبة وقدرة على طرح الرأي والتفاعل مع الآراء المطروحة، ولا غرابة فللرجل نشاط ثقافي واسع من ضمنه أربعة عشر إصداراً آخرها كتاب تهديد الوعي العربي.
كان الأعضاء الاثنا عشر الباقون يمثلون التنوع المقصود، منهم أربعة أكاديميين بدرجة الدكتوراه من مختلف الجامعات الجزائرية وفي مختلف العلوم السياسية والإستراتيجية، وبينهم رؤساء تحرير صحف ورقية وإلكترونية واسعة الانتشار وكتاب أعمدة صحفية ومقدمو برامج تلفزيونية وسيدة فاضلة تكتب باللغة الفرنسية في صحيفة تصدر بهذه اللغة.
من ضمن التنوع المقصود في أعضاء الوفد الجزائري كان التمثيل الانتمائي لمختلف التيارات السياسية والأيديولوجية بما في ذلك محسوبين على التعاطف مع السياسة الإيرانية أو معروفين بموقف معاد لحملة إعادة الشرعية في اليمن، تصديقاً للإعلام المعادي لدول التحالف لإعادة الشرعية.
من المهم أن أختتم هذه الحلقة بالتعبير عن فرحتنا كسعوديين عندما استمتعنا واستمعنا من كل أعضاء الوفد الجزائري إلى لغة عربية صافية متدفقة لا تخالطها لكنة ولا مفردات فرنسية. لن أكون مبالغاً لو قلت إن عربية بعضهم أفضل من جميع أعضاء زملائهم الإعلاميين السعوديين. في الحلقة المقبلة بعد يومين أستعرض لكم أهم نقط الحوار فإلى اللقاء.