د. أحمد الفراج
قبل مدة، تسرب أن الرئيس دونالد ترمب، ينوي عزل وزير خارجيته، ريكس تيلرسون، ورغم نفي ترمب لذلك، إلا أن توقعات المراقبين صدقت، وعزل ترمب وزير خارجيته، غريب الأطوار، الذي دخل السياسة من بابها الخلفي، ولم يستطع التمييز بين العمل الدبلوماسي، وبين إدارة شركة نفط عملاقة، وهذا ليس اتهاماً مني له، فهو اعترف بنفسه لصحيفة نيويورك تايمز بأنه كان معتاداً، إبان رئاسته لشركة إكسون موبايل العملاقة، على أن يكون صاحب الرأي الأول، وبالتالي أصابه الإحباط والملل، وهو على رأس الدبلوماسية الأمريكية، لأنه يبدي رأيه فقط، ولا يملك الصلاحية لاتخاذ القرار، الذي يملكه الرئيس ترمب وحده، ومع أنه يفترض أنه يقود الدبلوماسية، إلا أنه تجاوز الأعراف، عندما نعت ترمب بالأحمق، في جلسة خاصة، ثم تم تسريب ذلك لوسائل الإعلام، دون أن ينفي ذلك صراحة، ولعل عزله كان في صالحه، فهو لم يقدم شيئاً يذكر، في كل الملفات الشائكة، وكان حجر عثرة في ملف الأزمة الخليجية.
لم يمض وقت يذكر، حتى عزل ترمب مستشار الأمن القومي، هيربرت مكماستر، وهو جنرال، خدم في حرب الخليج الثانية، ثم في غزو العراق، ولا أحد يعلم، على وجه الدقة، عن الأسباب التي أدت إلى عزله، ولكن يبدو أنه لم يكن على وفاق مع ترمب في بعض الملفات، شأنه شأن تيلرسون، ويصعب على الرئيس أن يواجه قضايا شائكة ومعقدة، مع فريق ينقصه الانسجام، فمستشار الأمن القومي، ووزير الخارجية، ووزير الدفاع، هم الأركان، التي تشكل مثلث صنع القرار الأمريكي، بمساندة المؤسسات الأمنية والاستخباراتية، وربما أن السبب الرئيس للعزل، هو موقف الجنرال مكماستر من الاتفاق النووي مع إيران، فهو ليس مؤيداً للاتفاق، ولكنه يرى أن بقاءه قد يكون هو الخيار الأمثل في الوقت الراهن، طالما لا يوجد بديل له، وهو الأمر الذي يعارضه ترمب، الذي يرى أن الاتفاق مجحف بحق أمريكا وحلفائها، وأن أوباما أنجزه على عجل، ويصر على تعديله أو إلغائه.
ترمب اختار السياسي العتيد، والصقر الجمهوري، جون بولتون، مستشاراً حديداً للأمن القومي، وهو محامٍ، شغل مواقع كثيرة، فقد عمل مساعداً لوزير العدل للحقوق المدنية، في عهد الرئيس رونالد ريجان، ثم عمل مع الرئيس بوش الأب، كمساعد لوزير الخارجية لشؤون المنظمات الدولية، ثم عمل وكيلاً لوزارة الخارجية لشؤون الحد من انتشار السلاح والأمن الدولي، في إدارة الرئيس بوش الابن، وكان أهم مناصبه، التي برز خلالها، هو عمله مندوباً لأمريكا في الأمم المتحدة، في إدارة بوش الابن أيضاً، وهو باحث في كثير من المؤسسات البحثية المرموقة، خصوصاً المحافظة، وقد اشتهر بأنه وطني محافظ، ويلقب بـ»صقر الحرب»، نظراً لدعمه لكل الحروب التي شنتها أمريكا، كما أنه يدعو، بلا مواربة، إلى تغيير النظام في إيران وكوريا الشمالية، والخلاصة هي أن استقطاب ترمب لعتاة الصقور الجمهوريين، مايك بومبيو وجون بولتون، يعني أنه يشكل «حكومة حرب»، وهذه أخبار غير سارة لملالي طهران، وكل الدول الداعمة للإرهاب!.