يبدو أن لا شيء يبقى ثابتاً في هذه الدنيا فهذه سنة الحياة.. ولكن تبقى الذكرى الطيبة.. وهذه هي قصتي مع أهالي محافظة المجمعة ومراكزها (حرمة وجلاجل والتويم وروضة سدير وحوطة سدير وعودة سدير وعشيرة سدير وتمير والارطاوية والقاعية وام الجماجم والبرزة وحويمضة ومشاش عوض والخيس والحائر وغيرها) ومع حمائلها حاضرة وبادية أياماً لم تكن ككل الأيام.. ألفة وكرماً وحفاوة عشتها وسط رجال عرفوا بالشهامة والكرم منذ تاريخهم التليد.. استهواني إنسانها المحب لعمل الخير والداعم لمسقط رأسه والمرتبط به وجذبتني مدنها وقراها بتطورها.
رغم أنني كنت أحمل على عاتقي منصباً حكومياً ألا وهو وكيل محافطة المجمعة.. ولكن حفني شعور بأنني جزء لا يتجزأ من أهل هذه المحافظة ومراكزها بل كنت أحد أبنائها.. لا لشيء إلا انهم غمروني بحبهم واهتمامهم واحتضنوني هكذا بأجواء الحفاوة الحارة.
رجال مخلصون وأبناء أوفياء.. قيادات أهلية ووزراء وموظفون ورجال أعمال ومهنيون ورياضيون.. كل إنسان في تلك المحافظة ينضح بروح الولاء للمحافظة والوطن الكبير.
فالوظيفة الحكومية تعطيك أكثر مما تأخذ منك لو تعاملت معها على غرار قول ابن القيم رحمه الله (إن في قضاء حوائج الناس لذة لا يعرفها إلا من جربها، فافعل الخير مهما استصغرته، فإنك لا تدري أي حسنة تدخلك الجنة).
لم أشعر بمرور الأيام والشهور التي مرت سريعاً، خصوصاً بعد أن طلبت تقاعدي المبكر.. فهكذا حينما يندمج الإنسان في الوسط الاجتماعي لا يكل ولا يمل من خدمة الوظيفة وسط شعور طاغٍ بالانتماء والحيوية والنشاط.. خاصة في هذه المحافظة التي تعيش في نعيم وارف وسط نخيلها الباسق ووديانها التي تحكي جمال الطبيعة وجبالها الشامخة شموخ أهلها.
لا أريد أن أتحدث بلغة الفراق المر والوداع القاسية.. ولكن أريد أن أجدد لأحبتي التحية واللقاء في ميادين أخرى من العمل.. التقاعد المبكر يعطي الإنسان فرصة لإعادة بناء ومواصلة تلك العلاقات الأخوية.. ومتابعة بعض نشاطات خاصة كان يطمح بإدارتها.
في المرحلة المقبلة سأجد نفسي مغرماً بمواصلة نشاطي الإعلامي والبحث والكتابة الصحفية بإذن الله، ولدي طموح في مشروع إعلامي أمنحه عصارة تجاربي وأعيد خلاله ذكرياتي وجمع شتات أصدقائي في الرياض التي عملت فيها نحو 40 عاماً بإمارة الرياض وكذلك وكيلاً في محافظة (حوطة بني تميم)، ثم وكيلا لمحافظة المستقبل محافظة المجمعة..
إذن أعد أصدقائي باللقاء في ساحات أوسع ويقول ابن القيم: (إذا تقاربت القلوب فلا يضر تباعد الأبدان)... وهنيئاً للمجمعة بمحافظها بأميرها الطموح سمو الأمير عبدالرحمن بن عبدالله بن فيصل آل سعود يحفظه الله ويرعاه، الذي استفدت من توجهاته السديدة ومناقبه الفريدة فهو نعم المسؤول الحريص على خدمة المواطنين وتسهيل امورهم ونعم الرجل المتابع لكل مدن ومراكز وقرى المحافظة والمهتم بتطويرها في كل الجوانب. وفق الله سموه وكل المسؤولين فيها.
** **
- وكيل محافظة المجمعة سابقاً