ناصر الصِرامي
«.. العقول العظيمة تفكر بنفس الطريقة..». نقولها حين تتوافق أفكارنا الخلاقة - أو التي نعتقد أنها كذلك - مع بعضنا؛ ولذلك نفكر بالطريقة نفسها، ونصل للنتائج نفسها..!
جمال غرور الفكرة كافٍ لمنح النفس رضا وتفاخرًا باتصال الأفكار، لكن مهلاً..
ماذا عن تنافسها؟.. هل وقعنا في «الفخ»..؟!
هل تفكر العقول العظيمة بالطريقة نفسها..؟!
الحقيقة إن العقول العظيمة (لا) تفكر بالطريقة نفسها أبدًا؛ وهذا سر عظمتها وتفردها وتجدُّدها..
Great mind think unlike..!
من ملصق على مبنى في قلب العاصمة إلى الإعلان على الصفحة الورقية والمواقع الإلكترونية.. كان الإعلان عن «أسبوع الإعلان» حدثًا يتكرر سنويًّا في قارات العالم، ولا يتخذ عنوانًا مخصصًا لأي من نسخه.. يقول اللورد ماثيو Lord Matthew J. Scheckner، المدير العالمي لـAW: لم نختر عناوين لكل النسخ السابقة، وقد ثبت أننا على حق؛ فالعنوان هو اللحظة، هو ما يحدث الآن!
وفي الأسبوع الماضي، وقت إقامة الحدث، كانت الأخبار المتدفقة أشبه بالفضائح، من فيسبوك وتسرب لملايين البيانات إلى الأخبار المزيفة، وطغيانها، ومبادرات لمحاربتها كما فعلت جوجل، إلى هموم الناشرين ونماذج الاشتراكات الإلكترونية، والوصول إلى الإعلان بكل ألوانها ومنصاته.
حدث مميز، يطوف العالم، يربط العلامات التجارية بسوق الإعلان الدولي، ويرصد ويناقش كل ما يتعلق بالعلامات الجارية.. كيف تحافظ على بريقها عبر رصد كل المؤثرات من البيانات وتقنياتها واتجاهات المستقبل وسلوك المستخدم، والابتكار والتدخل في تشكيل محتوى احترافي وصولاً إلى مزاج المتلقي - المستهلك.. حيث البحث المستمر عن أدوات إعلام وإعلان المستقبل!
دخلت الإذاعات على خط وظيفة الصحف الإخبارية، واستخدمت المطبوعات لجذب المزيد من المستمعين - المستهلكين؛ وبالتالي الإعلان!
الأمر نفسه تكرر مع التلفزيون الذي خطف الترفيه والصوت من الإذاعة، والخبر من الصحف، وأضاف إليها الألوان؛ ليكسب أكبر عدد من المتابعين؛ وبالتالي الفوز بالحصة الأعلى إعلانيًّا.
إلا أن الإنترنت وما قدمته من دفع سريع لسعاتها، وباستمرار تقديم المزيد من التطبيقات والبرمجيات المختلفة، أسهمت في توسع الاستخدام أفقيًّا ورأسيًّا لكل شيء تقريبًا، نحو إنترنت الأشياء الآن، ونحو جمهور أكثر اتساعًا وحجمًا في تاريخ البشرية على الإطلاق؛ ليجعل من شركات التطبيقات والمحركات والبرمجيات كيانات ضخمة، تحقق أرباحًا غير تقليدية من الإعلان والتسويق.. والبيانات!
هذه برمتها جعلت مشهد «أسبوع الإعلان» مختلفًا.. لم تعد وكالات الإعلان الإقليمية أو الدولية هي التي تحرك السوق والمال، كما أنه لم تعد العلامات التجارية التقليدية التي ملأت سماء القنوات التلفزيونية هي المحركة لسوق الإعلان والإعلام والمعلومة بالطبع.. إنها شركات مثل جوجل، وأمازون، ونتفليكس، ومايكروسوفت، وفيسبوك، وسناب.. وشركات لم نسمع بها من قبل، متخصصة في الذكاء الصناعي AL، والواقع الافتراضي VR.. هي التي تسيطر على الواقع، وترتب للمستقبل!
فعاليات أسبوع الإعلان الدولية (الجلسات النقاشات الجانبية، وورش العمل) كلها تخبرنا بأنه ليس كل هذا الذي يحدث مجرد تحديث لسوق الإعلان، ولصناعة الإعلام، وبياناته ووسائطه، لكنه تحوُّل مطلق في اللاعبين والمؤثرين والمحركين للمال وللصناعة بكاملها، بداية التحولات الجاسمة، وفي التفاصيل الكبيرة.. والعبور الجديد للعلامات التجارية الدولية التي أصبحت محلية أيضًا..!