يوسف المحيميد
لا أعرف لماذا لم أشعر باللهفة وأنا أصعد درجات المعرض العريضة، وربما أبالغ بالقول إنني لم أجدها في الوجوه أيضًا، حيث أتذكر في أعوام مضت أنني كنت أسمع عند بعض الأجنحة حوارا تلقائيًا بين قارئين حول كتاب أو دار نشر، كأن الممرات والباحات أصبحت واسعة، ودور النشر أصبحت أقل، كأن الباعة -عفوا الناشرين- أصبحوا يبحثون عن قارئ طارئ، فأصبحت الخفَّة موضوع الإصدارات الجديدة، وأصبح كل شيء متاحا للنشر، حتى مجموع تغريدات أحدهم قد تصبح كتابا، أو السنابات بعد تحويلها لنص، قد تكون كتابا يجذب عشرات الآلاف من المتابعين.
قبل المعرض بشهر تقريبا اتصل بي أحد الصحفيين في المجال الثقافي والفني، وطلب أن أسمح له بنشر مختارات من مقالاتي التي أنشرها في هذه الزاوية في كتاب، بتنظيمها تحت قضايا مختلفة حسب تناولي لقضايا الشأن العام خلال ست سنوات من عمر هذه الزاوية، أي اختيار ما يقارب مئة مقال من مجموع ألف مقال كتبتها خلال هذه المدة، أي ترشيح 10 بالمئة من مقالات هذه الزاوية، فشكرته واعتذرت منه، وأنا أشعر بالقلق أمام هيبة الكتاب ببضعة مقالات يومية كتبتها لغرض صحفي وليس تأليف كتاب، فكم أشعر بالحزن لوضع الكتاب العربي عموما، والسعودي خصوصا، ومكانته وقيمته التي تُنتهك كل عام بكل جرأة واستخفاف!
عودة إلى مطلع المقال، ما الذي تغير في المعرض، هل خفة الكتب وهشاشتها، أم ضعف الأنشطة الثقافية المصاحبة وتواضعها، أم أن الكتاب لم يعد مصدر الوعي والمعرفة المفضل لدى الناس، والمعرض لم يعد مصدر السعادة الوحيد لقراء تخففوا منه، وأغوتهم مظاهر الترفيه الجديدة، التي تنظمها هيئة الترفيه، فأصبح المعرض في نظر هؤلاء مملا؟
لا أعرف، لكنني شعرت بالحزن وأنا أخرج محملا ببضعة كتب حرصت على قراءتها، بينما الوجوه الخارجة لم تعد بملامح اللهفة وهي تحمل الكتب كغنيمة، كما كانت سابقًا!