فهد بن جليد
لو كنتُ سائق تاكسي لما تضايقت من دخول التطبيقات الذكية (أوبر وكريم) على طريق عملي، واعتبرت أنَّ مهنتي في خطر، واستسلمت للأمر الواقع بالانسحاب أو التمادي بعناد في البقاء بذات التاكسي وعلى الطريقة القديمة، فالحل في الاندماج مع الموضة والصرخة الجديدة، والاستفادة من الموقف كنقطة تطور وتحول، بحيث أقود سيارتي الخاصة، وأمارس العمل بشكل أكثر تنظيماً واحترافيه، وأكثر ربحية على المدى البعيد، لأنَّني ببساطة أملك المعرفة المُسبقة مع القدرات الخاصة والخبرة اللازمة أكثر من غيري، إضافة للوقت المطلوب للقيام بذات المهنة التي أزاولها في الأصل، ولكن بثوب جديد وحسب ما يطلبه المُستهلكون هذه المرة.
في السوق المصري هناك صراع كان خفياً وظهر للعلن مؤخراً بعد أن وصل إلى أروقة القضاء، بين أصحاب سيارات التاكسي المصري التقليدي، وبين أصحاب التطبيقات الذكية، المُرتكز الوحيد الذي يعتمد عليه أصحاب التاكسي التقليدي أنَّهم أصحاب المهنة الأصليون مُنذ عقود طويلة، ولا يجب أن يحاربوا في رزقهم بهذه الطريقة فلديهم أولاد والتزامات مالية ومصدر رزقهم الوحيد هو التاكسي، ويجب منع استخدام التطبيقات الذكية صيانة لمهنتهم المُهدَّدة، ومراعاة لظروفهم، ولكن حالة التعاطف مع أصحاب التاكسي التقليدي تبدو أضعف مما كان متوقعاً في الشارع، فما السبب يا ترى رغم أنَّ الشعب المصري الشقيق شعب عاطفي بامتياز؟.
المرحبون بالتطبيقات الجديدة يرون فيها خلاصاً من احتكار السوق من قبل أصحاب التاكسي الذين لا يقدمون خدمات احترافية، ويحاولون استغلال الزبون طوال الوقت بتسعيرات غير موحدة - عدد من الكتاب والمُثقفين دخلوا على الخط - ليقولوا إنَّ أصحاب تطبيقات أوبر وكريم مواطنون أيضاً يطلبون رزقهم بطريقة صحيحة ونظامية وعصرية ومريحة للزبون، ولديهم أولاد ومصاريف تماماً مثل الآخرين، والقضية هي منافسة جديدة لكسر الاحتكار السابق, والذي يجب أن يمتد إلى قطاعات أخرى مازال أصحابها يمارسون استغلال المُستهلك بطرق مُتعدِّدة، وبأسعار مُبالغ فيها، مع سوء في الخدمة وعدم اهتمام بالجودة، لانعدام المُنافس، وعدم القدرة على المُحاسبة بسبب غياب الآليات والخطوات الواضحة لذلك.
باختصار ما حدث هو درس لكل صاحب مهنة أو تاجر يرتكن لأرباحه، إذا لم تستطع أن تكون جزءاً من منافسيك حتماً ستخسر، فلا أحد يمتلك النجاح لنفسه طوال الطريق.
وعلى دروب الخير نلتقي.