د. أحمد الفراج
لا يكاد الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، يتجاوز مشكلة، أو هكذا يعتقد، إلا ويخلق له إعلام اليسار مشكلة أخرى، ويبدو الأمر كما لو أنه مناكفة، أكثر منه بحث عن الحقيقة، فحتى يومنا هذا، لم يستطع أحد اثبات أي علاقة للرئيس ترمب بقضية التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، ومرة أخرى، يتوجب القول إن ترمب يرتكب أخطاء بالجملة، فهو لا يزال يصر على أنه يستطيع هزيمة الاعلام الأمريكي الشرس، وهو إصرار غير مفهوم، فالسياسي الحصيف لا يخفى عليه أهمية مهادنة الإعلام، ولو نسبيا على الأقل، لأن أي سياسي معرض للأخطاء، ومهمة الإعلام هي البحث عن الأخطاء وتضخيمها، ولا يمكن أن يستطيع أي سياسي هزيمة الإعلام، مهما بلغت شعبيته وتميزه، ومعظم الساسة يدركون ذلك، ويتعاملون مع الإعلام على هذا الأساس.
هذه الأيام، يتحدث الإعلام الأمريكي عن نية ترمب عزل المحقق الخاص في قضية التدخل الروسي، روبرت مولر، وترمب يصرح أنه لا ينوي ذلك، فمن المؤكد أن ترمب لا يكن ودا للمحقق مولر، ومن المؤكد أيضا، لكل معلق منصف، أن مولر ليس حياديا بالمطلق في تحقيقاته . هذا، ولكن ترمب يعلم أن خطوة مثل هذه قد تكون في منتهى الخطورة، لأنها ستفهم على أنها عرقلة لسير العدالة، وهذا خط أحمر، قد تكون عواقبه وخيمة، ولا أشك لحظة أن إعلام اليسار، الخصم الشرس لترمب، بقيادة قناة سي ان ان، وجريدة النيويورك تايمز، يتمنى أن يعزل ترمب المحقق مولر، لأنه سيجد مادة دسمة، سيتفنن في تضخيمها، في سبيل الحلم الأكبر بالإطاحة بترمب، وهذا ما يجعل هذا الإعلام يكرر استفزازاته لترمب، بخصوص نية الأخير عزل مولر!.
المثير للسخرية هو أن اليسار الأمريكي، الحليف التقليدي لكل الأنظمة السياسية الاشتراكية حول العالم، يهاجم ترمب حاليا، لأن الأخير هنأ الرئيس الروسي بوتين، بعد فوزه بالرئاسة قبل أيام، ويتحجج اليسار بأن بوتين فاز بطريقة ديكتاتورية، وبالتالي لا تصح تهنئته !، وهذه من المفارقات العجيبة، أي أن يكون اليسار المؤدلج أكثر حرصا من اليمين الجمهوري على معاداة روسيا بوتين!!، فاليمين الجمهوري، الذي ينتمي له ترمب، هو صاحب السبق في التصعيد مع روسيا، وما حرب النجوم، زمن الرئيس ريجان عنا ببعيد، والخلاصة من كل ذلك، هي أن خصوم ترمب سيجدون ألف طريقة لمهاجمته، حتى ولو اضطروا للتخلي عن مبادئهم الراسخة، مثل موقفهم العدائي الحالي من روسيا بوتين، ولا ندري ما هي القضية الجديدة، التي سيتبناها إعلام اليسار ضد الرئيس ترمب لاحقا، ولكن هذا ليس عسيرا عليهم على أي حال!.