حميد بن عوض العنزي
** العالم يعيش تغيرات متسارعة وتلعب الثورة التقنية دورًا مذهلاً في تفاصيل تلك التحولات المؤثرة على كل مناحي الحياة، وأصبحت التغيرات تعصف ببعض الاستثمارات بشكل سريع وعميق، بل إن التطور التقني يمكن أن يدمر نشاطات تجارية كانت قائمة منذ مئات السنين، وحتى الاستثمار في المجالات التقنية بات اليوم يأكل بعضه بعضًا ويدمر جديده قديمه، فقبل أعوام قليلة جدًا كان الاستثمار في الموبايل محدوداً بالنغمات ورسائل SMS وغيرها، ثم اختفت بشكل شبه تام، ثم ظهرت التطبيقات الذكية، والآن يقول أحد التقارير المتخصصة إن 20% من العلامات التجارية ستتخلى عن تطبيقات الجوال بحلول عام 2019م.
** التقنية باتت تسيطر على أجزاء هائلة من الحياة، ويبدو أنها مستمرة في التهام البقية من التعاملات، هذا التطور المخيف قد يهدد لقمة عيش كثيرين ممن ستقوم التقنية بتأدية أعمالهم، وإن كان العقل البشري سيبقى في الصدارة كقيمة باعتباره هو من يصنع التقنية، فقد أشار تقرير كورن فيري «فرق التريليون دولار» أن رأس المال البشري يمثل قيمة محتملة قدرها 1215 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي، أي ما يزيد بمقدار 2.33 مرة على رأس المال المادي، الذي يتضمن أصولاً ملموسة مثل التقنية والعقارات والمخزون، والتي ينبغي تقويم قيمتها عالمياً بمبلغ 521 تريليون دولار، مما يشير إلى أن رأس المال البشري هو أكبر منتج للقيمة المتاحة للمنظمات، فبالنسبة إلى كل دولار واحد مستثمر في رأس المال البشري، يضاف مبلغ 11.39 دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي، بمعنى أن الاستثمار في العنصر البشري يمكن أن يولّد قيمة أكبر للمؤسسات بمرور الوقت، لكن مع هذا يبقى الوضع «المستقبلي تقنيًا» خارج نطاق السيطرة، ومهدداً حقيقياً لكثير من الاستثمارات التقليدية وفرص العمل المرتبطة بها والتي عرفتها البشرية منذ قرون .