عبد العزيز الصقعبي
منذ أيام تم تداول خبر توقف موقع «جهة الشعر» بعد حضور ثقافي تجاوز العشرين عاماً، وهذا الموقع ليس الوحيد الذي توقف أو اختفى فجأة، فهنالك منتديات ومواقع ثقافية كثيرة، توقفت والقليل منها أصبح باهتاً، هل هذا من تأثير قنوات التواصل الحديثة، حيث إن كثيراً من الأدباء والمثقفين بصورة عامة وجدوا أن أفضل وسيلة للتواصل مع الآخرين عبر الفيسبوك وتوتير وغيرها. أحياناً أشبه بعض المواقع بالغمامة في السماء الزرقاء تمر وتهطل مطراً وتغادر، كثير من المواقع والمنتديات كان لها حضور ملفت، وكان عدد المتابعين كبيراً، وفجأة توقفت، ربما بسبب توقف الدعم المادي كما في موقع جهة الشعر، أو لأسباب أخرى تتعلق بالإشراف أو سقف الحرية أو غيرها، بالطبع جميع تلك المواقع ليس هنالك رسوم لتصفحها، ويتوقف بقاؤها على حماس المشرفين عليها وإمكاناتهم المادية، هذا الأمر يذكرني بصحافة الماستر في مصر في السبعينيات وأوائل الثمانينيات الميلادية، حيث أصدر بعض الأدباء صحفاً غير دورية، صدر من بعضها أعداد محدودة وطبع منها أيضاً نسخ محدودة، حيث تطبع بصورة بدائية، هرباً من التكلفة المادية، ولكن تلك الدوريات على بساطتها قدمت أسماء اشتهرت فيما بعد في الشعر والقصة والرواية. أيدينا على قلوبنا خوفاً من أن تتوقف مواقع أخرى خدمة الثقافة والأدب مثل موقع القصة العربية الذي أنشأه وأداره باقتدار الصديق جبير المليحان، الذي لا يزال يقدم بصورة يومية نصوصاً إبداعية لكتاب قصة من السعودية وأيضاً من أرجاء الوطن العربي كافة. يتصور البعض أن أمر إنشاء موقع على الشبكة العنكبوتية يتوقف فقط على تصميم الموقع، والحقيقة أن هنالك إجراءات أخرى مهمة ربما تكلفة التصميم أسهلها، ومن ذلك حجز الدومين وهو اسم النطاق أو الموقع الذي يكون مدخلاً للوصول، والاستضافة وتكلفتها تتوقف على المساحة التي تزداد مع الزمن و التوسع بالمشاركات في الموقع، أمر شائك جعلني لا أفكر سابقاً في إنشاء موقع خاص بي للتكلفة المادية وأهمية المتابعة الدورية والتحديث، وكثير من الأدباء أنشأوا مواقع خاصة، وبعضهم كان لديه طموح بأن تكون بأكثر من لغة، ما لبث أن قل الحماس، وتوقف الموقع بعد زمن، أو بقي ضمن ملايين المواقع التي تبحث عن زوار. أنا أتمنى من وزارات الثقافة في الوطن العربي دعم المواقع الثقافية المتميزة، لأن العمل الفردي مهما كان، عمل مؤقت، بينما العمل المؤسساتي هو الذي يدوم، ونعرف أن كثيرً من الدوريات المتميزة توقفت مع توقف صاحبها ورئيس تحريرها، ولدينا أيضاً دور نشر كانت متميزة توقفت لظروف أصحابها، لذا أقترح دائماً على بعض الأصدقاء عند طرح مشروع ما بأن من الأفضل أن يكون هذا العمل غير فردي لضمان البقاء والاستمرارية.