مع انطلاقة معرض الرياض الدولي للكتاب أثارت وسائل التواصل الاجتماعي ردود فعل متباينة على كتاب (توصون شي والاش) للشاب عبدالرحمن بن جفين المشهور باسم (أبو جفين). إحدى الصفحات الثقافية في واحدة من صحفنا المحلية نشرت دفاع دار تقاسيم؛ الدار التي نشرت الكتاب، وردت على المهاجمين بأنهم لم يقرؤوا الكتاب ولم يقفوا على محتواه. أما دار سعاد الصباح فبرأت نفسها بأن مسؤوليتها تنحصر في التوزيع دون النشر..
ومع افتتاح المعرض هرعتُ إلى دار سعاد الصباح لأقف بنفسي على كتاب أبي جفين، ووجدته لكنه لم يسترع انتباهي، فقد وجدت إلى جانبه كتابا آخر هو الذي يسترعي الانتباه حقا، فهو في حجم علبة السجائر أو أكبر قليلا ويحمل عنوان: (EXIT 3) هكذا باللغة الإنجليزية علمت فيما بعد أنه ديوان شعر شعبي!
هذان الكتابان - وأظن لهما أشباها ونظائر - أعاداني إلى التفكير في المقولة المعروفة في الأوساط الفنية المصرية: (الجمهور عاوز كده)! ورحت أسأل نفسي: هل جمهور قرائنا يحتاج إلى مثل هذه المؤلفات؟ ثم من الذي يوجه الآخر؟ هل المؤلف هو من يوجه جمهور القراء؟ أم أن القراء هم الذين يفرضون على المؤلف ما يريدونه فيكتب استجابة لهم.
كنت في حاجة إلى ناقد أو أديب يشرح لي ظاهرة زحف أمثال هذا الكتب وينبئنا بتوقعاته؛ هل سيتحول زحفها مستقبلا إلى اكتساح ومزاحمة الكتب الرصينة؟
ظننت أني سأجد ضالتي في مجلس الشيخ حمد الجاسر - رحمه الله - حين أعلن عن استضافته في ضحوية السبت 17/3/2018 الروائي الإماراتي عبدالله النعيمي في محاضرة بعنوان: (التضمين الفكري في الرواية) كيف لا وهو من الروائيين والكتاب الذين يغردون خارج السرب ويسيرون عكس اتجاه القطيع؛ كما هي أعماله وتصريحاته.
شرع المحاضر الكريم يسرد رحلته مع الرواية والتأليف، وقال إنه لا يتبع الجمهور لكنه يحاول مخاطبتهم بلغتهم التي يفهمونها حتى يتمكن من إيصال رسالته إليهم.. وبدأ في تعداد رواياته وكتبه: بدءا من (اسبريسو) ثم (البنسيون) ثم (قمر الرياض) ثم (الكومودينو) فـ (الدنجوان).
كانت معظم مداخلات الحضور - وجلُّهم من أرباب الفكر واللغة - تنبئ عن عدم تقبلهم للمصطلحات الأجنبية في عناوينه، وعدم رضاهم أن يكتب للعامة ما يرضيهم بدلا من الارتقاء بهم؛ وخاصة بعد أن جرب في روايته الأولى وأصبح من (المشاهير)!
خرجتُ من مجلس حمد الجاسر وأنا أتنبأ بمستقبل مشرق لأبي جفين وأمثاله في عالم التأليف!
- سعد عبدالله الغريبي