علي الخزيم
أنعم به وأكرم من رجل نال من اسمه نصيباً وافراً، حقاً إنه (محمد) أينما حل وارتحل، نال من الحمد والثناء والشكر من عباد الله ممن عرفوه أو تعاملوا معه؛ قرابةً أو عملاً أو جيرةً وصداقةً، وكل حمد ناله من الناس ترافقه دعوات صادقة له من الجميع بأن يوفّقه الله لخير الدنيا والآخرة، وإني لأحسب أن دعوات كل من عرف لطفه وإحسانه وحسن تعامله ورفعها للسماء فإنها قد لقيت قبولاً حسناً واستجابة من لدن عزيز كريم رحيم لا يرد دعوة من أحسن نواياه لأخيه المسلم لا سيما من كان بخلق وسجايا معالي الدكتور محمد بن ناصر المحمد الخزيم، نائب الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام الذي تقاعد مؤخراً، ولعمري إنه لممن يستحقون التكريم كمثال وطني يحتذى بكل مسار ساره وخطوات خطاها، ولعمري مرة أخرى إنني لم أفترِ كلاماً إنشائياً للمجاملة أو لأي غرض لا يرتقي لما يُمْلِيه الضمير الحي والقلب النزيه الصادق مع كل من يستحق الإطراء؛ والعرفان له بالإخلاص قولاً وعملاً وتعاملاً مع الجميع.
ولمن لا يدرك مدى عمق الاحترام والتقدير لهذا الرجل الإنسان بكل معاني الإنسانية الراقية فإني سأوجز قليلاً من المعلومات في سيرته؛ فقد كان من الأوائل على مستوى المملكة بالمراحل الدراسية، غير أنه قد حاز المركز الأول بالمملكة بالثانوية العامة، واجتاز الجامعة، ثم الماجستير هنا بالمملكة، ثم ابتعث للدراسة بالولايات المتحدة وحقق ماجستير أخرى ثم الدكتوراه وأتقن الإنجليزية بوقت قياسي (ما شاء الله تبارك الرحمن)، وقبل ذلك عمل بالتعليم واكتسب ذكراً حسناً لدى طلابه وزملائه، ثم عمل مديراً عاماً للتعليم بمنطقة عسير، وتدرّج بالوظائف القيادية إلى أن وصل لما وصل إليه قبيل تقاعده.
ورث الدكتور الخزيم وإخوته حب الخيرات والأعمال الإنسانية من والدهم وجدهم غفر الله للجميع، فقد عمل مع فريق من رفاقه فور وصوله مبتعثاً للدراسة باستئجار صالة لإقامة الصلوات والجُمَع بالتنسيق مع جهات الاختصاص هناك؛ وعُرف عنه حرصه على صلة الرحم والتواضع للآخرين من الأقارب وسائر أفراد المجتمع، ولم يتوجه له أحد بطلب خدمة أو شفاعة حسنة لا تضر بمصالح أحد إلا سعى بها وكأنها تخصه، وله أعمال خيرية جليلة أخشى أن عَدَّدت جزءًا منها أن أتعرض للوم من جنابه الكريم، إذ إنه يعمل الخير لا يرجو من خَلْق الله جزاءً ولا شكوراً، ولا غرابة إذا علمنا أن والده الشيخ ناصر - رحمه الله - من وجهاء المجتمع بمحافظة البكيرية وكان له حضور اجتماعي ومشاركة بارزة بجُل الأعمال الخيرية، وهو مؤسس ومدير مكتبة الشيخ محمد بن عبدالوهاب الخيرية بالبكيرية التي تُعَد من أبرز أعماله الخيرية، كما ورث الدكتور محمد من والده صفات غاية بالأهمية: فقد كان الهدوء والبشاشة من سماته، طلق المحيا كريماً يرأف باليتامى ويحن عليهم ويهتم بشأنهم، وعرف عنه سعيه للإصلاح بين الناس، فأنعم بأسرة هذا نهجها وهذه خطواتها، وهؤلاء هم نجومها تحتذي بهم الأجيال.